Roman Script    Reciting key words            Previous Sūrah    Quraan Index    Home  

9) Sūrat At-Tawbah

Printed format

9) سُورَة التَّوبَه

Toggle thick letters. Most people make the mistake of thickening thin letters in the words that have other (highlighted) thick letter Toggle to highlight thick letters خصضغطقظ رَ
009-001 هذه براءة من الله ورسوله، وإعلان بالتخلي عن العهود التي كانت بين المسلمين والمشركين. بَر‍َ‍‌ا‌ءةٌ‌ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولِهِ ‌إِلَى‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ عَاهَ‍‍دتُّمْ مِنَ ‌الْمُشْ‍‍رِكِينَ
009-002 فسيروا -أيها المشركون- في الأرض مدَّة أربعة أشهر، تذهبون حيث شئتم آمنين من المؤمنين، واعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من العقوبة، وأن الله مذل الكافرين ومورثهم العار في الدنيا، والنار في الآخرة. وهذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة، أو من له عهد دون أربعة أشهر، فيكمَّل له أربعة أشهر، أو مَن كان له عهد فنقضه. فَسِيحُو‌ا‌ فِي ‌الأَ‌رْ‍ضِ ‌أَ‌رْبَعَةَ ‌أَشْهُر‌ٍ‌ ‌وَ‌اعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ‍‍كُمْ غَ‍‍يْ‍‍رُ‌ مُعْجِزِي ‌اللَّهِ ۙ ‌وَ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ مُ‍‍خْ‍‍زِي ‌الْكَافِ‍‍رِينَ
009-003 وإعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر أن الله بريء من المشركين، ورسوله بريء منهم كذلك. فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم شرككم فهو خير لكم، وإن أعرضتم عن قَبول الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من عذاب الله. وأنذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضينعن الإسلام عذاب الله الموجع. وَ‌أَ‌ذ‍َ‍‌انٌ‌ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولِهِ ‌إِلَى‌ ‌ال‍‍نّ‍‍َ‍اسِ يَ‍‍وْمَ ‌الْحَجِّ ‌الأَكْبَ‍‍ر‍ِ‍‌ ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ بَ‍‍رِيء‌ٌ‌ مِنَ ‌الْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ ۙ ‌وَ‌‍رَسُولُ‍‍هُ ۚ فَإِ‌نْ تُ‍‍بْ‍‍تُمْ فَهُوَ‌ خَ‍‍يْ‍‍ر‌ٌ‌ لَكُمْ ۖ ‌وَ‌إِ‌نْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ‍‍كُمْ غَ‍‍يْ‍‍رُ‌ مُعْجِزِي ‌اللَّهِ ۗ ‌وَبَشِّرِ‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌ا‌ بِعَذ‍َ‍‌ابٍ ‌أَلِيمٍ
009-004 ويُستثنى من الحكم السابق المشركون الذين دخلوا معكم في عهد محدد بمدة، ولم يخونوا العهد، ولم يعاونوا عليكم أحدا من الأعداء، فأكملوا لهم عهدهم إلى نهايته المحدودة. إن الله يحب المتقين الذين أدَّوا ما أمروا به، واتقوا الشرك والخيانة، وغير ذلك من المعاصي. إِلاَّ‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ عَاهَ‍‍دتُّمْ مِنَ ‌الْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ ثُ‍‍مَّ لَمْ يَ‍‌‍ن‍‍قُ‍‍صُ‍‍وكُمْ شَ‍‍يْ‍‍ئا‌ ً‌ ‌وَلَمْ يُ‍‍ظَ‍‍اهِرُ‌و‌ا‌ عَلَيْكُمْ ‌أَحَد‌ا‌‌ ً‌ فَأَتِ‍‍مُّ‍‍و‌ا‌ ‌إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ ‌إِلَى‌ مُدَّتِهِمْ ۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ يُحِبُّ ‌الْمُتَّ‍‍قِ‍‍ينَ
009-005 فإذا انقضت الأشهر الأربعة التي أمَّنتم فيها المشركين، فأعلنوا الحرب على أعداء الله حيث كانوا، واقصدوهم بالحصار في معاقلهم، وترصدوا لهم في طرقهم، فإن رجعوا عن كفرهم ودخلوا الإسلام والتزموا شرائعه من إقام الصلاة وإخراج الزكاة، فاتركوهم، فقد أصبحوا إخوانكم في الإسلام، إن الله غفور لمن تاب وأناب، رحيم بهم. فَإِ‌ذَ‌ا‌ ‌ان‍‍سَلَ‍‍خَ ‌الأَشْهُرُ‌ ‌الْحُرُمُ فَا‍قْ‍‍تُلُو‌ا‌الْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ حَ‍‍يْ‍‍ثُ ‌وَجَ‍‍دْتُمُوهُمْ ‌وَ‍خُ‍‍ذُ‌وهُمْ ‌وَ‌احْ‍‍صُ‍‍رُ‌وهُمْ ‌وَ‌ا‍قْ‍‍عُدُ‌و‌ا‌ لَهُمْ كُلَّ مَرْ‍صَ‍‍د‌‌ٍۚ فَإِ‌نْ تَابُو‌ا‌ ‌وَ‌أَ‍قَ‍‍امُو‌ا‌ال‍‍صَّ‍‍لاَةَ ‌وَ‌آتَوُ‌ا‌ ‌ال‍‍زَّك‍‍َ‍اةَ فَ‍‍خَ‍‍لُّو‌ا‌ سَبِيلَهُمْ ۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ غَ‍‍ف‍‍ُ‍و‌ر‌ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-006 وإذا طلب أحد من المشركين الذين استبيحت دماؤهم وأموالهم الدخول في جوارك -أيها الرسول- ورغب في الأمان، فأجبه إلى طلبه حتى يسمع القرآن الكريم ويطَّلع على هدايته، ثم أَعِدْه من حيث أتى آمنًا؛ وذلك لإقامة الحجة عليه؛ ذلك بسبب أن الكفار قوم جاهلون بحقائق الإسلام، فربما اختاروه إذا زال الجهل عنهم. وَ‌إِ‌نْ ‌أَحَد‌ٌ‌ مِنَ ‌الْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌اسْتَجَا‌‍رَكَ فَأَجِ‍‍رْهُ حَتَّى‌ يَسْمَعَ كَلاَمَ ‌اللَّ‍‍هِ ثُ‍‍مَّ ‌أَبْ‍‍لِ‍‍غْ‍‍هُ مَأْمَنَ‍‍هُ ۚ ‌ذَلِكَ بِأَنَّ‍‍هُمْ قَ‍‍وْم ٌ‌ لاَ‌ يَعْلَمُونَ
009-007 لا ينبغي أن يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله، إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام في صلح (الحديبية) فماأقاموا على الوفاء بعهدكم فأقيموا لهم على مثل ذلك. إن الله يحب المتقين الموفِّين بعهودهم. كَ‍‍يْ‍‍فَ يَك‍‍ُ‍ونُ لِلْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ عَهْدٌ‌ عِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَعِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌‍رَسُولِهِ ‌إِلاَّ‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ عَاهَ‍‍دْتُمْ عِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌الْمَسْجِدِ‌ ‌الْحَ‍رَ‍‌امِ ۖ فَمَا‌ ‌اسْتَ‍‍قَ‍‍امُو‌ا‌ لَكُمْ فَاسْتَ‍‍قِ‍‍يمُو‌ا‌ لَهُمْ ۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ يُحِبُّ ‌الْمُتَّ‍‍قِ‍‍ينَ
009-008 إن شأن المشركين أن يلتزموا بالعهود ما دامت الغلبة لغيرهم، أما إذا شعروا بالقوة على المؤمنين فإنهم لا يراعون القرابة ولا العهد، فلا يغرنكم منهم ما يعاملونكم به وقت الخوف منكم، فإنهم يقولون لكم كلامًا بألسنتهم؛ لترضوا عنهم، ولكن قلوبهم تأبى ذلك، وأكثرهم متمردون على الإسلام ناقضون للعهد. كَ‍‍يْ‍‍فَ ‌وَ‌إِ‌نْ يَ‍‍ظْ‍‍هَرُ‌و‌ا‌ عَلَيْكُمْ لاَ‌ يَرْ‍قُ‍‍بُو‌ا‌ فِيكُمْ ‌إِلاّ‌ ً‌ ‌وَلاَ‌ ‌ذِمَّ‍‍ة ًۚ يُرْ‍ضُ‍‍ونَكُمْ بِأَفْوَ‌اهِهِمْ ‌وَتَأْبَى‌ قُ‍‍لُوبُهُمْ ‌وَ‌أَكْثَرُهُمْ فَاسِ‍‍قُ‍‍ونَ
009-009 استبدلوا بآيات الله عرض الدنيا التافه، فأعرضوا عن الحق ومنعوا الراغبين في الإسلام عن الدخول فيه، لقد قَبُح فعلهم، وساء صنيعهم. اشْتَ‍رَ‌وْ‌ا‌ بِآي‍‍َ‍اتِ ‌اللَّ‍‍هِ ثَمَنا‌‌ ًقَ‍‍لِيلا‌‌ ً‌ فَ‍‍صَ‍‍دُّ‌و‌ا‌ عَ‍‌‍نْ سَبِيلِهِ ۚ ‌إِنَّ‍‍هُمْ س‍‍َ‍ا‌ءَ‌ مَا‌ كَانُو‌ا‌ يَعْمَلُونَ
009-010 إن هؤلاء المشركين حرب على الإيمان وأهله، فلا يقيمون وزنًا لقرابة المؤمن ولا لعهده، وشأنهم العدوان والظلم. لاَ‌ يَرْ‍قُ‍‍ب‍‍ُ‍ونَ فِي مُؤْمِن‌‍ٍ‌ ‌إِلاّ‌ ً‌ ‌وَلاَ‌ ‌ذِمَّ‍‍ة ًۚ ‌وَ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ هُمُ ‌الْمُعْتَدُ‌ونَ
009-011 فإن أقلعوا عن عبادة غير الله، ونطقوا بكلمة التوحيد، والتزموا شرائع الإسلام من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فإنهم إخوانكم في الإسلام. ونبين الآيات، ونوضحها لقوم ينتفعون بها. فَإِ‌نْ تَابُو‌ا‌ ‌وَ‌أَ‍قَ‍‍امُو‌ا‌ال‍‍صَّ‍‍لاَةَ ‌وَ‌آتَوُ‌ا‌ ‌ال‍‍زَّك‍‍َ‍اةَ فَإِخْ‍‍وَ‌انُكُمْ فِي ‌ال‍‍دّ‍ِ‍ي‍‍نِ ۗ ‌وَنُفَ‍‍صِّ‍‍لُ ‌الآي‍‍َ‍اتِ لِ‍‍قَ‍‍وْمٍ‌ يَعْلَمُونَ
009-012 وإنْ نَقَضَ هؤلاء المشركون العهود التي أبرمتموها معهم، وأظهروا الطعن في دين الإسلام، فقاتلوهم فإنهم رؤساء الضلال، لا عهد لهم ولا ذمة، حتى ينتهوا عن كفرهم وعداوتهم للإسلام. وَ‌إِ‌نْ نَكَثُ‍‍و‌ا‌ ‌أَيْمَانَهُمْ مِ‍‌‍نْ بَعْدِ‌ عَهْدِهِمْ ‌وَ‍طَ‍‍عَنُو‌ا‌ فِي ‌دِينِكُمْ فَ‍‍قَ‍‍اتِلُ‍‍و‌ا‌ ‌أَئِ‍‍مَّ‍‍ةَ ‌الْكُفْ‍‍ر‍ِ‍‌ ۙ ‌إِنَّ‍‍هُمْ لاَ‌ ‌أَيْم‍‍َ‍انَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَ‍‌‍ن‍‍تَهُونَ
009-013 لا تترددوا في قتالهؤلاء القوم الذين نقضوا عهودهم، وعملوا على إخراج الرسول من (مكة)، وهم الذين بدؤوا بإيذائكم أول الأمر، أتخافونهم أو تخافون ملاقاتهم في الحرب؟ فالله أحق أن تخافوه إن كنتم مؤمنين حقًا. أَلاَ‌ تُ‍‍قَ‍‍اتِل‍‍ُ‍ونَ قَ‍‍وْما‌ ً‌ نَكَثُ‍‍و‌ا‌ ‌أَيْمَانَهُمْ ‌وَهَ‍‍مُّ‍‍و‌ا‌ بِإِخْ‍رَ‍‌اجِ ‌ال‍رَّس‍‍ُ‍ولِ ‌وَهُمْ بَدَ‌ء‍ُ‍‌وكُمْ ‌أَ‌وَّلَ مَ‍رَّةٍ ۚ ‌أَتَ‍‍خْ‍‍شَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ ‌أَحَ‍‍قُّ ‌أَ‌نْ تَ‍‍خْ‍‍شَ‍‍وْهُ ‌إِ‌نْ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ مُؤْمِنِينَ
009-014 يا معشر المؤمنين قاتلوا أعداء الله يعذبهم عز وجل بأيديكم، ويذلهم بالهزيمة والخزي، وينصركم عليهم، ويُعْلِ كلمته، ويشف بهزيمتهم صدوركم التي طالما لحق بها الحزن والغم من كيد هؤلاء المشركين، ويُذْهِب عن قلوب المؤمنين الغيظ. ومن تاب من هؤلاء المعاندين فإن الله يتوب على من يشاء. والله عليم بصدق توبة التائب، حكيم في تدبيره وصنعه ووَضْع تشريعاته لعباده. قَ‍‍اتِلُوهُمْ يُعَذِّبْ‍‍هُمُ ‌اللَّ‍‍هُ بِأَيْدِيكُمْ ‌وَيُ‍‍خْ‍‍زِهِمْ ‌وَيَ‍‌‍نْ‍‍‍‍صُ‍‍رْكُمْ عَلَيْهِمْ ‌وَيَشْفِ صُ‍‍د‍ُ‍‌و‌‍رَقَ‍‍وْمٍ‌ مُؤْمِنِينَ
009-015 يا معشر المؤمنين قاتلوا أعداء الله يعذبهم عز وجل بأيديكم، ويذلهم بالهزيمة والخزي، وينصركم عليهم، ويُعْلِ كلمته، ويشف بهزيمتهم صدوركم التي طالما لحق بها الحزن والغم من كيد هؤلاء المشركين، ويُذْهِب عن قلوب المؤمنين الغيظ. ومن تاب من هؤلاء المعاندين فإن الله يتوب على من يشاء. والله عليم بصدق توبة التائب، حكيم في تدبيره وصنعه ووَضْع تشريعاته لعباده. وَيُذْهِ‍‍بْ غَ‍‍يْ‍‍ظَ قُ‍‍لُوبِهِمْ ۗ ‌وَيَت‍‍ُ‍وبُ ‌اللَّ‍‍هُ عَلَى‌ مَ‍‌‍نْ يَش‍‍َ‍ا‌ءُ‌ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍مٌ حَكِيمٌ
009-016 مِن سنة الله الابتلاء، فلا تظنوا يا معشر المؤمنين أن يترككم الله دون اختبار؛ ليعلم الله علمًا ظاهرًا للخلقالذين أخلصوا في جهادهم، ولم يتخذوا غير الله ورسوله والمؤمنين بطانة وأولياء. والله خبير بجميع أعمالكم ومجازيكم بها. أَمْ حَسِ‍‍بْ‍‍تُمْ ‌أَ‌نْ تُتْ‍رَكُو‌ا‌ ‌وَلَ‍‍مَّ‍‍ا‌ يَعْلَمِ ‌اللَّ‍‍هُ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ جَاهَدُ‌و‌ا‌ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ ‌وَلَمْ يَتَّ‍‍خِ‍‍ذُ‌و‌ا‌ مِ‍‌‍نْ ‌د‍ُ‍‌ونِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَلاَ‌ ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ‌وَلاَ‌ ‌الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَلِيجَة ًۚ ‌وَ‌اللَّهُ خَ‍‍ب‍‍ِ‍ي‍‍ر‌ٌ‌ بِمَا‌ تَعْمَلُونَ
009-017 ليس من شأن المشركين إعمار بيوت الله، وهم يعلنون كفرهم بالله ويجعلون له شركاء. هؤلاء المشركون بطلت أعمالهم يوم القيامة، ومصيرهم الخلود في النار. مَا‌ ك‍‍َ‍انَ لِلْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌أَ‌نْ يَعْمُرُ‌و‌ا‌ مَسَاجِدَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ شَاهِد‍ِ‍ي‍‍نَ عَلَ‍‍ى‌ ‌أَ‌ن‍‍فُسِهِمْ بِ‍الْكُفْ‍‍ر‍ِ‍‌ ۚ ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ حَبِ‍‍طَ‍‍تْ ‌أَعْمَالُهُمْ ‌وَفِي ‌ال‍‍نّ‍‍َ‍ا‌ر‍ِ‍‌ هُمْ خَ‍‍الِدُ‌ونَ
009-018 لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ولا يخافون في الله لومة لائم، هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق. إِنَّ‍‍مَا‌ يَعْمُرُ‌ مَسَاجِدَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ مَ‍‌‍نْ ‌آمَنَ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌الْيَ‍‍وْمِ ‌الآ‍‍خِ‍‍رِ‌ ‌وَ‌أَ‍قَ‍‍امَ ‌ال‍‍صَّ‍‍لاَةَ ‌وَ‌آتَى‌ ‌ال‍‍زَّك‍‍َ‍اةَ ‌وَلَمْ يَ‍‍خْ‍‍شَ ‌إِلاَّ‌ ‌اللَّ‍‍هَ ۖ فَعَسَ‍‍ى‌ ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ ‌أَ‌نْ يَكُونُو‌ا‌ مِنَ ‌الْمُهْتَدِينَ
009-019 أجعلتم -أيها القوم- ما تقومون به من سقي الحجيج وعِمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين عند الله، لأن الله لا يقبل عملا بغير الإيمان. والله سبحانه لا يوفق لأعمال الخير القوم الظالمين لأنفسهم بالكفر. أَجَعَلْتُمْ سِ‍‍قَ‍‍ايَةَ ‌الْح‍‍َ‍اجِّ ‌وَعِمَا‌‍رَةَ ‌الْمَسْجِدِ‌ ‌الْحَ‍رَ‍‌امِ كَمَ‍‌‍نْ ‌آمَنَ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌الْيَ‍‍وْمِ ‌الآ‍‍خِ‍‍رِ‌ ‌وَجَاهَدَ‌ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ۚ لاَ‌ يَسْتَو‍ُ‍‌ونَ عِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ لاَ‌ يَهْدِي ‌الْ‍‍قَ‍‍وْمَ ‌ال‍‍ظَّ‍‍الِمِينَ
009-020 الذين آمنوا بالله وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في الجهاد لإعلاء كلمة الله، هؤلاء أعظم درجه عند الله، وأولئك هم الفائزون برضوانه. الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌ ‌وَهَاجَرُ‌و‌ا‌ ‌وَجَاهَدُ‌و‌ا‌ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ بِأَمْوَ‌الِهِمْ ‌وَ‌أَ‌ن‍‍فُسِهِمْ ‌أَعْ‍‍ظَ‍‍مُ ‌دَ‌‍رَجَةً عِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ۚ ‌وَ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ هُمُ ‌الْف‍‍َ‍ائِزُ‌ونَ
009-021 إن هؤلاء المؤمنين المهاجرين لهم البشرى من ربهم بالرحمة الواسعة والرضوان الذي لا سخط بعده، ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيمالدائم. يُبَشِّرُهُمْ ‌‍رَبُّهُمْ بِ‍رَحْمَةٍ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُ ‌وَ‌رِ‍‍ضْ‍‍و‍َ‍‌انٍ‌ ‌وَجَ‍‍نّ‍‍َ‍ات‍ٍ‌ لَهُمْ فِيهَا‌ نَع‍‍ِ‍ي‍‍مٌ‌ مُ‍‍قِ‍‍يمٌ
009-022 ماكثين في تلك الجنان لا نهاية لإقامتهم وتنعمهم، وذلك ثواب ما قدَّموه من الطاعات والعمل الصالح في حياتهم الدنيا. إن الله تعالى عنده أجر عظيم لمن آمن وعمل صالحا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. خَ‍‍الِد‍ِ‍ي‍‍نَ فِيهَ‍‍ا‌ ‌أَبَد‌ا‌‌ ًۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ عِ‍‌‍نْ‍‍دَهُ~ُ ‌أَجْ‍‍رٌ‌ عَ‍‍ظِ‍‍يمٌ
009-023 يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتخذوا أقرباءكم -من الآباء والإخوان وغيرهم- أولياء، تفشون إليهم أسرار المسلمين، وتستشيرونهم في أموركم، ما داموا على الكفر معادين للإسلام. ومن يتخذهم أولياء ويُلْقِ إليهم المودة فقد عصى الله تعالى، وظلم نفسه ظلمًا عظيمًا. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌ لاَ‌ تَتَّ‍‍خِ‍‍ذُ‌و‌ا‌ ‌آب‍‍َ‍ا‌ءَكُمْ ‌وَ‌إِخْ‍‍وَ‌انَكُمْ ‌أَ‌وْلِي‍‍َ‍ا‌ءَ‌ ‌إِنِ ‌اسْتَحَبُّو‌ا‌الْكُفْ‍رَ‌ عَلَى‌ ‌الإِيم‍‍َ‍انِ ۚ ‌وَمَ‍‌‍نْ يَتَوَلَّهُمْ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ فَأ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ هُمُ ‌ال‍‍ظَّ‍‍الِمُونَ
009-024 قل -يا أيها الرسول- للمؤمنين: إن فَضَّلتم الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات والأموال التي جمعتموها والتجارة التي تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التي أقمتم فيها، إن فَضَّلتم ذلك على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله ونكاله بكم. والله لا يوفق الخارجين عن طاعته. قُ‍‍لْ ‌إِ‌نْ ك‍‍َ‍انَ ‌آب‍‍َ‍ا‌ؤُكُمْ ‌وَ‌أَبْ‍‍ن‍‍َ‍ا‌ؤُكُمْ ‌وَ‌إِخْ‍‍وَ‌انُكُمْ ‌وَ‌أَ‌زْ‌وَ‌اجُكُمْ ‌وَعَشِي‍رَتُكُمْ ‌وَ‌أَمْو‍َ‍‌ال‌‍ٌ‌ا‍قْ‍‍تَ‍رَفْتُمُوهَا‌ ‌وَتِجَا‌‍رَة‌‍ٌ‌ تَ‍‍خْ‍‍شَ‍‍وْنَ كَسَا‌دَهَا‌ ‌وَمَسَاكِنُ تَرْ‍ضَ‍‍وْنَهَ‍‍ا‌ ‌أَحَبَّ ‌إِلَيْكُمْ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ‌وَجِه‍‍َ‍ا‌د‌‌ٍ‌ فِي سَبِيلِ‍‍هِ فَتَ‍رَبَّ‍‍صُ‍‍و‌ا‌ حَتَّى‌ يَأْتِيَ ‌اللَّ‍‍هُ بِأَمْ‍‍رِهِ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ لاَ‌ يَهْدِي ‌الْ‍‍قَ‍‍وْمَ ‌الْفَاسِ‍‍قِ‍‍ينَ
009-025 لقد أنزل الله نَصْرَه عليكم في مواقع كثيرة عندما أخذتم بالأسباب وتوكلتم على الله. ويوم غزوة (حنين) قلتم: لن نُغْلَبَ اليوم0 من قلة، فغرَّتكم الكثرة فلم تنفعكم، وظهر عليكم العدو فلم تجدوا ملجأً في الأرض الواسعة ففررتممنهزمين. لَ‍قَ‍‍دْ‌ نَ‍‍صَ‍رَكُمُ ‌اللَّ‍‍هُ فِي مَوَ‌اطِ‍‍نَ كَثِي‍رَةٍۙ ‌وَيَ‍‍وْمَ حُنَ‍‍يْ‍‍ن‌‍ٍۙ ‌إِ‌ذْ‌ ‌أَعْجَبَتْكُمْ كَثْ‍رَتُكُمْ فَلَمْ تُ‍‍غْ‍‍نِ عَ‍‌‍نْ‍‍كُمْ شَ‍‍يْ‍‍ئا‌ ً‌ ‌وَ‍ضَ‍‍اقَ‍‍تْ عَلَيْكُمُ ‌الأَ‌رْ‍ضُ بِمَا‌ ‌‍رَحُبَتْ ثُ‍‍مَّ ‌وَلَّيْتُمْ مُ‍‍دْبِ‍‍رِينَ
009-026 ثم أنزل الله الطمأنينة على رسوله وعلى المؤمنين فثبتوا، وأمدَّهم بجنود من الملائكة لم يروها، فنصرهم على عدوهم، وعذَّب الذين كفروا. وتلك عقوبة الله للصادِّين عن دينه، المكذِّبين لرسوله. ثُ‍‍مَّ ‌أَ‌ن‍‍زَلَ ‌اللَّ‍‍هُ سَكِينَتَ‍‍هُ عَلَى‌ ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ‌وَعَلَى‌ ‌الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَ‌أَ‌ن‍‍زَلَ جُنُو‌د‌ا‌ ً‌ لَمْ تَ‍رَ‌وْهَا‌ ‌وَعَذَّبَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌اۚ ‌وَ‌ذَلِكَ جَز‍َ‍‌ا‌ءُ‌ ‌الْكَافِ‍‍رِينَ
009-027 ومن رجع عن كفره بعد ذلك ودخل الإسلام فإن الله يقبل توبة مَن يشاء منهم، فيغفر ذنبه. والله غفور رحيم. ثُ‍‍مَّ يَت‍‍ُ‍وبُ ‌اللَّ‍‍هُ مِ‍‌‍نْ بَعْدِ‌ ‌ذَلِكَ عَلَى‌ مَ‍‌‍نْ يَش‍‍َ‍ا‌ءُ‌ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ غَ‍‍ف‍‍ُ‍و‌ر‌ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-028 يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجرة، وإن خفتم فقرًا لانقطاع تجارتهم عنكم، فإن الله سيعوضكم عنها، ويكفيكم من فضله إن شاء، إن الله عليم بحالكم، حكيم في تدبير شؤونكم. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُ‍‍و‌ا‌ ‌إِنَّ‍‍مَا‌ ‌الْمُشْ‍‍رِك‍‍ُ‍ونَ نَجَس‌‍ٌ‌ فَلاَ‌ يَ‍‍قْ‍‍‍رَبُو‌ا‌الْمَسْجِدَ‌ ‌الْحَ‍رَ‍‌امَ بَعْدَ‌ عَامِهِمْ هَذَ‌ا‌ ۚ ‌وَ‌إِ‌نْ خِ‍‍فْتُمْ عَيْلَة‌ ً‌ فَسَ‍‍وْفَ يُ‍‍غْ‍‍نِيكُمُ ‌اللَّ‍‍هُ مِ‍‌‍نْ فَ‍‍ضْ‍‍لِهِ ‌إِ‌نْ ش‍‍َ‍ا‌ءَ‌ ۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ عَل‍‍ِ‍ي‍‍مٌ حَكِيمٌ
009-029 أيها المسلمون قاتلوا الكفار الذين لا يؤمنون بالله، ولا يؤمنون بالبعث والجزاء، ولا يجتنبون ما نهى الله عنه ورسوله، ولا يلتزمون أحكام شريعة الإسلام من اليهود والنصارى، حتى يدفعوا الجزية التي تفرضونها عليهم بأيديهم خاضعين أذلاء. قَ‍‍اتِلُو‌ا‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ لاَ‌ يُؤْمِن‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَلاَ‌ بِ‍الْيَ‍‍وْمِ ‌الآ‍‍خِ‍‍رِ‌ ‌وَلاَ‌ يُحَرِّم‍‍ُ‍ونَ مَا‌ حَ‍رَّمَ ‌اللَّ‍‍هُ ‌وَ‌‍رَسُولُ‍‍هُ ‌وَلاَ‌ يَدِين‍‍ُ‍ونَ ‌د‍ِ‍ي‍‍نَ ‌الْحَ‍‍قِّ مِنَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌أ‍ُ‍‌وتُو‌ا‌الْكِت‍‍َ‍ابَ حَتَّى‌ يُعْ‍‍طُ‍‍و‌ا‌الْجِزْيَةَ عَ‍‌‍نْ يَد‌ٍ‌ ‌وَهُمْ صَ‍‍اغِ‍‍رُ‌ونَ
009-030 لقد أشرك اليهود بالله عندما زعموا أن عزيرًا ابن الله. وأشرك النصارى بالله عندما ادَّعوا أن المسيح ابن الله. وهذا القول اختلقوه من عند أنفسهم، وهم بذلك لا يشابهون قول المشركين من قبلهم. قَاتَلَ الله المشركين جميعًا كيفيعدلون عن الحق إلى الباطل؟ وَ‍قَ‍‍الَتِ ‌الْيَه‍‍ُ‍و‌دُ‌ عُزَيْ‍‍ر‌‌ٌ‌ابْ‍‍نُ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‍قَ‍‍الَتِ ‌ال‍‍نَّ‍‍‍‍صَ‍‍ا‌‍رَ‌ى‌ ‌الْمَس‍‍ِ‍ي‍‍حُ ‌ابْ‍‍نُ ‌اللَّ‍‍هِ ۖ ‌ذَلِكَ قَ‍‍وْلُهُمْ بِأَفْوَ‌اهِهِمْ ۖ يُ‍‍ضَ‍‍اهِئ‍‍ُ‍ونَ قَ‍‍وْلَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌ا‌ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لُ ۚ قَ‍‍اتَلَهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ ۚ ‌أَنَّ‍‍ى‌ يُؤْفَكُونَ
009-031 اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام، فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله، واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه، وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال. اتَّ‍‍خَ‍‍ذُ‌و‌ا‌ ‌أَحْبَا‌‍رَهُمْ ‌وَ‌رُهْبَانَهُمْ ‌أَ‌رْبَابا‌ ً‌ مِ‍‌‍نْ ‌د‍ُ‍‌ونِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌الْمَس‍‍ِ‍ي‍‍حَ ‌ابْ‍‍نَ مَرْيَمَ ‌وَمَ‍‍ا‌ ‌أُمِرُ‌و‌ا‌ ‌إِلاَّ‌ لِيَعْبُدُ‌و‌ا‌ ‌إِلَها‌ ً‌ ‌وَ‌احِد‌ا‌ ًۖ لاَ‌ ‌إِلَهَ ‌إِلاَّ‌ هُوَ‌ ۚ سُ‍‍بْ‍‍حَانَ‍‍هُ عَ‍‍مَّ‍‍ا‌ يُشْ‍‍رِكُونَ
009-032 يريد الكفار بتكذيبهم أن يبطلوا دين الإسلام، ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ويأبى الله إلا أن يتم دينه ويظهره، ويعلي كلمته، ولو كره ذلك الجاحدون. يُ‍‍رِيد‍ُ‍‌ونَ ‌أَ‌نْ يُ‍‍طْ‍‍فِئ‍‍ُ‍‍و‌ا‌ ن‍‍ُ‍و‌‍رَ‌اللَّ‍‍هِ بِأَفْوَ‌اهِهِمْ ‌وَيَأْبَى‌ ‌اللَّ‍‍هُ ‌إِلاَّ‌ ‌أَ‌نْ يُتِ‍‍مَّ نُو‌‍رَهُ ‌وَلَوْ‌ كَ‍‍رِهَ ‌الْكَافِرُ‌ونَ
009-033 هو الذي أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن ودين الإسلام؛ ليعليه على الأديان كلها، ولو كره المشركون دين الحق -الإسلام- وظهوره على الأديان. هُوَ‌ ‌الَّذِي ‌أَ‌رْسَلَ ‌‍رَسُولَ‍‍هُ بِ‍الْهُدَ‌ى‌ ‌وَ‌د‍ِ‍ي‍‍نِ ‌الْحَ‍‍قِّ لِيُ‍‍ظْ‍‍هِ‍رَهُ عَلَى‌ ‌ال‍‍دّ‍ِ‍ي‍‍نِ كُلِّ‍‍هِ ‌وَلَوْ‌ كَ‍‍رِهَ ‌الْمُشْ‍‍رِكُونَ
009-034 يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن كثيرًا من علماء أهل الكتاب وعُبَّادهم ليأخذون أموال الناس بغير حق كالرشوة وغيرها، ويمنعون الناس من الدخول في الإسلام، ويصدون عن سبيل الله. والذين يمسكون الأموال، ولا يؤدون زكاتها، ولا يُخْرجون منها الحقوق الواجبة، فبشِّرهم بعذاب موجع. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُ‍‍و‌ا‌ ‌إِنَّ كَثِي‍‍ر‌ا‌ ً‌ مِنَ ‌الأَحْب‍‍َ‍ا‌ر‍ِ‍‌ ‌وَ‌ال‍‍رُّهْب‍‍َ‍انِ لَيَأْكُل‍‍ُ‍ونَ ‌أَمْو‍َ‍‌الَ ‌ال‍‍نّ‍‍َ‍اسِ بِ‍الْبَاطِ‍‍لِ ‌وَيَ‍‍صُ‍‍دّ‍ُ‍‌ونَ عَ‍‌‍نْ سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ۗ ‌وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يَكْنِز‍ُ‍‌ونَ ‌ال‍‍ذَّهَبَ ‌وَ‌الْفِ‍‍ضَّ‍‍ةَ ‌وَلاَ‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ‍‍ونَهَا‌ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ فَبَشِّ‍‍رْهُمْ بِعَذ‍َ‍‌ابٍ ‌أَلِيمٍ
009-035 يوم القيامة توضع قطع الذهب والفضة في النار، فإذا اشتدتحرارتها أُحرقت بها جباه أصحابها وجنوبهم وظهورهم. وقيل لهم توبيخًا: هذا مالكم الذي أمسكتموه ومنعتم منه حقوق الله، فذوقوا العذاب الموجع؛ بسبب كنزكم وإمساككم. يَ‍‍وْمَ يُحْمَى‌ عَلَيْهَا‌ فِي ن‍‍َ‍ا‌ر‍ِ‍‌ جَهَ‍‍نَّ‍‍مَ فَتُكْوَ‌ى‌ بِهَا‌ جِبَاهُهُمْ ‌وَجُنُوبُهُمْ ‌وَ‍ظُ‍‍هُو‌رُهُمْ ۖ هَذَ‌ا‌ مَا‌ كَنَزْتُمْ لِأ‌ن‍‍فُسِكُمْ فَذُ‌وقُ‍‍و‌ا‌ مَا‌ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ تَكْنِزُ‌ونَ
009-036 إنّ عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا، يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حُرُم؛ حرَّم الله فيهنَّ القتال (هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) ذلك هو الدين المستقيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم؛ لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها، لا أنَّ الظلم في غيرها جائز. وقاتلوا المشركين جميعًا كما يقاتلونكم جميعًا، واعلموا أن الله مع أهل التقوى بتأييده ونصره. إِنَّ عِدَّةَ ‌ال‍‍شُّه‍‍ُ‍و‌ر‍ِ‍‌ عِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ‌اثْنَا‌ عَشَ‍رَ‌ شَهْر‌ا‌‌ ً‌ فِي كِت‍‍َ‍ابِ ‌اللَّ‍‍هِ يَ‍‍وْمَ خَ‍‍لَ‍‍قَ ‌ال‍‍سَّمَا‌و‍َ‍‌اتِ ‌وَ‌الأَ‌رْ‍ضَ مِ‍‌‍نْ‍‍هَ‍‍ا‌ ‌أَ‌رْبَعَةٌ حُرُم‌‍ٌۚ ‌ذَلِكَ ‌ال‍‍دّ‍ِ‍ي‍‍نُ ‌الْ‍‍قَ‍‍يِّمُ ۚ فَلاَ‌ تَ‍‍ظْ‍‍لِمُو‌ا‌ فِيهِ‍‍نَّ ‌أَ‌نْ‍‍فُسَكُمْ ۚ ‌وَ‍قَ‍‍اتِلُو‌ا‌الْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ كَافَّة‌ ً‌ كَمَا‌ يُ‍‍قَ‍‍اتِلُونَكُمْ كَافَّة ًۚ ‌وَ‌اعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ مَعَ ‌الْمُتَّ‍‍قِ‍‍ينَ
009-037 إن الذي كانت تفعله العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من السنة عددًا لا تحديدًا بأسماء الأشهر التي حرَّمها الله، فيؤخرون بعضها أو يقدِّمونه ويجعلون مكانه من أشهر الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال، إن ذلك زيادة في الكفر، يضل الشيطان به الذين كفروا، يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة عامًا، ويحرمونه عاما؛ ليوافقوا عدد الشهور الأربعة، فيحلوا ما حرَّم الله منها. زَيَّن لهم الشيطان الأعمال السيئة. والله لا يوفق القوم الكافرين إلىالحق والصواب. إِنَّ‍‍مَا‌ ‌ال‍‍نَّ‍‍س‍‍ِ‍يءُ‌ ‌زِيَا‌دَة‌‍ٌ‌ فِي ‌الْكُفْ‍‍ر‍ِ‍‌ ۖ يُ‍‍ضَ‍‍لُّ بِهِ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌ا‌ يُحِلُّونَ‍‍هُ عَاما‌ ً‌ ‌وَيُحَرِّمُونَ‍‍هُ عَاما‌ ً‌ لِيُوَ‌اطِ‍‍ئ‍‍ُ‍‍و‌ا‌ عِدَّةَ مَا‌ حَ‍رَّمَ ‌اللَّ‍‍هُ فَيُحِلُّو‌ا‌ مَا‌ حَ‍رَّمَ ‌اللَّ‍‍هُ ۚ ‌زُيِّنَ لَهُمْ س‍‍ُ‍و‌ءُ‌ ‌أَعْمَالِهِمْ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ لاَ‌ يَهْدِي ‌الْ‍‍قَ‍‍وْمَ ‌الْكَافِ‍‍رِينَ
009-038 يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا قيل لكم: اخرجوا إلى الجهاد في سبيل الله لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟ هل آثرتم حظوظكم الدنيوية على نعيم الآخرة؟ فما تستمتعون به في الدنيا قليل زائل، أما نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين المجاهدين فكثير دائم. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌ مَا‌ لَكُمْ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ قِ‍‍ي‍‍لَ لَكُمْ ‌ان‍‍فِرُ‌و‌ا‌ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌اثَّاقَ‍‍لْتُمْ ‌إِلَى‌ ‌الأَ‌رْ‍ضِ ۚ ‌أَ‌‍رَضِ‍‍يتُمْ بِ‍الْحَي‍‍َ‍اةِ ‌ال‍‍دُّ‌نْ‍‍يَا‌ مِنَ ‌الآ‍‍خِ‍رَةِ ۚ فَمَا‌ مَت‍‍َ‍اعُ ‌الْحَي‍‍َ‍اةِ ‌ال‍‍دُّ‌نْ‍‍يَا‌ فِي ‌الآ‍‍خِ‍رَةِ ‌إِلاَّ‌ قَ‍‍لِيلٌ
009-039 إن لا تنفروا أيها المؤمنون إلى قتال عدوكم ينزلِ الله عقوبته بكم، ويأت بقوم آخرين ينفرون إذ ا استُنْفروا، ويطيعون الله ورسوله، ولن تضروا الله شيئًا بتولِّيكم عن الجهاد، فهو الغني عنكم وأنتم الفقراء إليه. وما يريده الله يكون لا محالة. والله على كل شيء قدير من نصر دينه ونبيه دونكم. إِلاَّ‌ تَ‍‌‍ن‍‍فِرُ‌و‌ا‌ يُعَذِّبْ‍‍كُمْ عَذَ‌اباً‌ ‌أَلِيما‌ ً‌ ‌وَيَسْتَ‍‍بْ‍‍دِلْ قَ‍‍وْماً‌ غَ‍‍يْ‍رَكُمْ ‌وَلاَ‌ تَ‍‍ضُ‍‍رّ‍ُ‍‌وهُ شَ‍‍يْ‍‍ئا‌ ًۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَلَى‌ كُلِّ شَ‍‍يْء‌‌ٍقَ‍‍دِيرٌ
009-040 يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم، وإن لا تنصروه؛ فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده (مكة)، وهو ثاني اثنين (هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه ثلاث ليال، إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما رأى منه الخوف عليه: لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده، فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله صلى الله عليهوسلم، وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة، فأنجاه الله من عدوه وأذل الله أعداءه، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا،، ذلك بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه، حكيم في تدبير شؤون عباده. وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. إِلاَّ‌ تَ‍‌‍ن‍‍صُ‍‍ر‍ُ‍‌وهُ فَ‍‍قَ‍‍دْ‌ نَ‍‍صَ‍رَهُ ‌اللَّ‍‍هُ ‌إِ‌ذْ‌ ‌أَ‍خْ‍رَجَهُ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌ا‌ ثَانِيَ ‌اثْنَ‍‍يْ‍‍نِ ‌إِ‌ذْ‌ هُمَا‌ فِي ‌الْ‍‍غَ‍‍ا‌ر‍ِ‍‌ ‌إِ‌ذْ‌ يَ‍‍قُ‍‍ولُ لِ‍‍صَ‍‍احِبِ‍‍هِ لاَ‌ تَحْزَ‌نْ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ مَعَنَا‌ ۖ فَأَ‌ن‍‍زَلَ ‌اللَّ‍‍هُ سَكِينَتَ‍‍هُ عَلَ‍‍يْ‍‍هِ ‌وَ‌أَيَّدَهُ بِجُن‍‍ُ‍و‌د‌ٍ‌ لَمْ تَ‍رَ‌وْهَا‌ ‌وَجَعَلَ كَلِمَةَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌ا‌ال‍‍سُّفْلَى‌ ۗ ‌وَكَلِمَةُ ‌اللَّ‍‍هِ هِيَ ‌الْعُلْيَا‌ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَز‍ِ‍ي‍‍زٌ‌ حَكِيمٌ
009-041 اخرجوا -أيها المؤمنون- للجهاد في سبيل الله شبابًا وشيوخًا في العسر واليسر، على أي حال كنتم، وأنفقوا أموالكم في سبيل الله، وقاتلوا بأيديكم لإعلاء كلمة الله، ذلك الخروج والبذل خير لكم في حالكم ومآلكم فافعلوا ذلك وانفروا واستجيبوا لله ورسوله. ان‍‍فِرُ‌و‌اخِ‍‍فَافا‌ ً‌ ‌وَثِ‍‍قَ‍‍الا‌ ً‌ ‌وَجَاهِدُ‌و‌ا‌ بِأَمْوَ‌الِكُمْ ‌وَ‌أَ‌ن‍‍فُسِكُمْ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ۚ ‌ذَلِكُمْ خَ‍‍يْ‍‍ر‌ٌ‌ لَكُمْ ‌إِ‌نْ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ تَعْلَمُونَ
009-042 وبَّخ الله جلَّ جلاله جماعة من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة (تبوك) مبينًا أنه لو كان خروجهم إلى غنيمة قريبة سهلة المنال لاتبعوك، ولكن لما دعوا إلى قتال الروم في أطراف بلاد (الشام) في وقت الحر تخاذلوا، وتخلفوا، وسيعتذرون لتخلفهم عن الخروج حالفين بأنهم لا يستطيعون ذلك، يهلكون أنفسهم بالكذب والنفاق، والله يعلم إنهم لكاذبون فيما يبدون لك من الأعذار. لَوْ‌ ك‍‍َ‍انَ عَ‍رَض‍‍ا‌‌ ًقَ‍‍رِيبا‌ ً‌ ‌وَسَفَر‌ا‌‌ ًقَ‍‍اصِ‍‍د‌ا‌ ً‌ لاَتَّبَع‍‍ُ‍وكَ ‌وَلَكِ‍‌‍نْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ‌ال‍‍شُّ‍‍قَّ‍‍ةُ ۚ ‌وَسَيَحْلِف‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ لَوْ‌ ‌اسْتَ‍‍طَ‍‍عْنَا‌ لَ‍‍خَ‍رَجْ‍‍نَا‌ مَعَكُمْ يُهْلِك‍‍ُ‍ونَ ‌أَ‌ن‍‍فُسَهُمْ ‌وَ‌اللَّهُ يَعْلَمُ ‌إِنَّ‍‍هُمْ لَكَا‌ذِبُونَ
009-043 عفا الله عنك -أيها النبي- عمَّا وقع منك مِن تَرْك الأولى والأكمل، وهو إذنك للمنافقين فيالقعود عن الجهاد، لأي سبب أَذِنْتَ لهؤلاء بالتخلف عن الغزوة، حتى يظهر لك الذين صدقوا في اعتذارهم وتعلم الكاذبين منهم في ذلك؟ عَفَا‌ ‌اللَّهُ عَ‍‌‍نْ‍‍كَ لِمَ ‌أَ‌ذِ‌ن‍‍تَ لَهُمْ حَتَّى‌ يَتَبَيَّنَ لَكَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ صَ‍‍دَ‍قُ‍‍و‌ا‌ ‌وَتَعْلَمَ ‌الْكَا‌ذِبِينَ
009-044 ليس من شأن المؤمنين بالله ورسوله واليوم الآخر أن يستأذنوك -أيها النبي- في التخلف عن الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، وإنما هذا من شأن المنافقين. والله عليم بمن خافه فاتقاه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه. لاَ‌ يَسْتَأْ‌ذِنُكَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يُؤْمِن‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌الْيَ‍‍وْمِ ‌الآ‍‍خِ‍‍رِ‌ ‌أَ‌نْ يُجَاهِدُ‌و‌ا‌ بِأَمْوَ‌الِهِمْ ‌وَ‌أَ‌ن‍‍فُسِهِمْ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍م‌‍ٌ‌ بِ‍الْمُتَّ‍‍قِ‍‍ينَ
009-045 إنما يطلب الإذن للتخلف عن الجهاد الذين لا يصدِّقون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يعملون صالحًا، وشكَّتْ قلوبهم في صحة ما جئت به -أيها النبي- من الإسلام وشرائعه، فهم في شكهم يتحيَّرون. إِنَّ‍‍مَا‌ يَسْتَأْ‌ذِنُكَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ لاَ‌ يُؤْمِن‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌الْيَ‍‍وْمِ ‌الآ‍‍خِ‍‍رِ‌ ‌وَ‌ا‌رْتَابَتْ قُ‍‍لُوبُهُمْ فَهُمْ فِي ‌‍رَيْبِهِمْ يَتَ‍رَ‌دَّ‌دُ‌ونَ
009-046 ولو أراد المنافقون الخروج معك -أيها النبي- إلى الجهاد لتأهَّبوا له بالزاد والراحلة، ولكن الله كره خروجهم فثَقُلَ عليهم الخروج قضاء وقدرًا، وإن كان أمرهم به شرعا، وقيل لهم: تخلفوا مع القاعدين من المرضى والضعفاء والنساء والصبيان. وَلَوْ‌ ‌أَ‌‍رَ‌ا‌دُ‌و‌ا‌الْ‍‍خُ‍‍ر‍ُ‍‌وجَ لَأَعَدُّ‌و‌ا‌ لَ‍‍هُ عُدَّة ً‌ ‌وَلَكِ‍‌‍نْ كَ‍‍رِهَ ‌اللَّ‍‍هُ ‌انْ‍‍بِعَاثَهُمْ فَثَبَّ‍‍طَ‍‍هُمْ ‌وَ‍قِ‍‍ي‍‍لَ ‌ا‍قْ‍‍عُدُ‌و‌ا‌ مَعَ ‌الْ‍‍قَ‍‍اعِدِينَ
009-047 لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر والفساد، ولأسرعوا السير بينكم بالنميمة والبغضاء، يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله، وفيكم -أيها المؤمنون- عيون لهم يسمعون أخباركم، وينقلونها إليهم. واللهعليم بهؤلاء المنافقين الظالمين، وسيجازيهم على ذلك. لَوْ‌ خَ‍رَجُو‌ا‌ فِيكُمْ مَا‌ ‌زَ‌ا‌دُ‌وكُمْ ‌إِلاَّ‌ خَ‍‍بَالا‌ ً‌ ‌وَلَأَ‌وْ‍ضَ‍‍عُو‌اخِ‍‍لاَلَكُمْ يَ‍‍بْ‍‍‍‍غُ‍‍ونَكُمُ ‌الْفِتْنَةَ ‌وَفِيكُمْ سَ‍‍مَّ‍‍اع‍‍ُ‍ونَ لَهُمْ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍م‌‍ٌ‌ بِ‍ال‍‍ظَّ‍‍الِمِينَ
009-048 لقد ابتغى المنافقون فتنة المؤمنين عن دينهم وصدهم عن سبيل الله من قبل غزوة (تبوك)، وكشف أمرهم، وصرَّفوا لك -أيها النبي- الأمور في إبطال ما جئت به، كما فعلوا يوم (أحد) ويوم (الخندق)، ودبَّروا لك الكيد حتى جاء النصر من عند الله، وأعز جنده ونصر دينه، وهم كارهون له. لَ‍قَ‍‍دِ‌ ‌ابْ‍‍تَ‍‍غَ‍‍وُ‌ا‌ ‌الْفِتْنَةَ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لُ ‌وَ‍قَ‍‍لَّبُو‌ا‌ لَكَ ‌الأُم‍‍ُ‍و‌‍رَ‌ حَتَّى‌ ج‍‍َ‍ا‌ءَ‌ ‌الْحَ‍‍قُّ ‌وَ‍ظَ‍‍هَ‍رَ‌ ‌أَمْرُ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَهُمْ كَا‌رِهُونَ
009-049 ومِن هؤلاء المنافقين من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول: لا توقعْني في الابتلاء بما يعرض لي في حالة الخروج من فتنة النساء. لقد سقط هؤلاء المنافقون في فتنة النفاق الكبرى. فإن جهنم لمحيطة بالكافرين بالله واليوم الآخر، فلا يُفْلِت منهم أحد. وَمِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ مَ‍‌‍نْ يَ‍‍قُ‍‍ولُ ‌ائْذَ‌نْ لِي ‌وَلاَ‌ تَفْتِ‍‍نِّ‍‍ي ۚ ‌أَلاَ‌ فِي ‌الْفِتْنَةِ سَ‍‍قَ‍‍طُ‍‍و‌اۗ ‌وَ‌إِنَّ جَهَ‍‍نَّ‍‍مَ لَمُحِي‍‍طَ‍‍ة‌‍ٌ‌ بِ‍الْكَافِ‍‍رِينَ
009-050 إن يصبك -أيها النبي- سرور وغنيمة يحزن المنافقون، وإن يلحق بك مكروه من هزيمة أو شدة يقولوا: نحن أصحاب رأي وتدبير قد احتطنا لأنفسنا بتخلفنا عن محمد، وينصرفوا وهم مسرورون بما صنعوا وبما أصابك من السوء. إِ‌نْ تُ‍‍صِ‍‍بْ‍‍كَ حَسَنَة‌‍ٌ‌ تَسُؤْهُمْ ۖ ‌وَ‌إِ‌نْ تُ‍‍صِ‍‍بْ‍‍كَ مُ‍‍صِ‍‍يبَةٌ‌ يَ‍‍قُ‍‍ولُو‌اقَ‍‍دْ‌ ‌أَ‍خَ‍‍ذْنَ‍‍ا‌ ‌أَمْ‍رَنَا‌ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لُ ‌وَيَتَوَلَّو‌ا‌ ‌وَهُمْ فَ‍‍رِحُونَ
009-051 قل -أيها النبي- لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا: لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ، هو ناصرنا على أعدائنا، وعلى الله، وحده فليعتمد المؤمنون به. قُ‍‍لْ لَ‍‌‍نْ يُ‍‍صِ‍‍يبَنَ‍‍ا‌ ‌إِلاَّ‌ مَا‌ كَتَبَ ‌اللَّ‍‍هُ لَنَا‌ هُوَ‌ مَوْلاَنَا‌ ۚ ‌وَعَلَى‌ ‌اللَّ‍‍هِ فَلْيَتَوَكَّلِ ‌الْمُؤْمِنُونَ
009-052 قل لهم -أيها النبي-: هل تنتظرون بنا إلا شهادة أوظفرًا بكم؟ ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة مِن عنده عاجلة تهلككم أو بأيدينا فنقتلكم، فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بكل فريق منا ومنكم. قُ‍‍لْ هَلْ تَ‍رَبَّ‍‍صُ‍‍ونَ بِنَ‍‍ا‌ ‌إِلاَّ‌ ‌إِحْدَ‌ى‌ ‌الْحُسْنَيَ‍‍يْ‍‍نِ ۖ ‌وَنَحْنُ نَتَ‍رَبَّ‍‍صُ بِكُمْ ‌أَ‌نْ يُ‍‍صِ‍‍يبَكُمُ ‌اللَّ‍‍هُ بِعَذ‍َ‍‌ابٍ‌ مِ‍‌‍نْ عِ‍‌‍نْ‍‍دِهِ ‌أَ‌وْ‌ بِأَيْدِينَا‌ ۖ فَتَ‍رَبَّ‍‍صُ‍‍و‌ا‌ ‌إِنَّ‍‍ا‌ مَعَكُمْ مُتَ‍رَبِّ‍‍صُ‍‍ونَ
009-053 قل -أيها النبي- للمنافقين: أنفقوا أموالكم كيف شئتم، وعلى أي حال شئتم طائعين أو كارهين، لن يقبل الله منكم نفقاتكم؛ لأنكم قوم خارجون عن دين الله وطاعته. قُ‍‍لْ ‌أَ‌ن‍‍فِ‍‍قُ‍‍و‌اطَ‍‍وْعاً‌ ‌أَ‌وْ‌ كَرْها‌ ً‌ لَ‍‌‍نْ يُتَ‍‍قَ‍‍بَّلَ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ ۖ ‌إِنَّ‍‍كُمْ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ قَ‍‍وْما‌‌ ً‌ فَاسِ‍‍قِ‍‍ينَ
009-054 وسبب عدم قَبول نفقاتهم أنهم أضمروا الكفر بالله عز وجل وتكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يأتون الصلاة إلا وهم متثاقلون، ولا ينفقون الأموال إلا وهم كارهون، فهم لا يرجون ثواب هذه الفرائض، ولا يخشون على تركها عقابًا بسبب كفرهم. وَمَا‌ مَنَعَهُمْ ‌أَ‌نْ تُ‍‍قْ‍‍بَلَ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ نَفَ‍‍قَ‍‍اتُهُمْ ‌إِلاَّ‌ ‌أَنَّ‍‍هُمْ كَفَرُ‌و‌ا‌ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَبِ‍رَسُولِ‍‍هِ ‌وَلاَ‌ يَأْت‍‍ُ‍ونَ ‌ال‍‍صَّ‍‍لاَةَ ‌إِلاَّ‌ ‌وَهُمْ كُسَالَى‌ ‌وَلاَ‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ‍‍ونَ ‌إِلاَّ‌ ‌وَهُمْ كَا‌رِهُونَ
009-055 فلا تعجبك -أيها النبي- أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم، إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا بالتعب في تحصيلها وبالمصائب التي تقع فيها، حيث لا يحتسبون ذلك عند الله، وتخرج أنفسهم، فيموتوا على كفرهم بالله ورسوله. فَلاَ‌ تُعْجِ‍‍بْ‍‍كَ ‌أَمْوَ‌الُهُمْ ‌وَلاَ‌ ‌أَ‌وْلاَ‌دُهُمْ ۚ ‌إِنَّ‍‍مَا‌ يُ‍‍ر‍ِ‍ي‍‍دُ‌ ‌اللَّ‍‍هُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا‌ فِي ‌الْحَي‍‍َ‍اةِ ‌ال‍‍دُّ‌نْ‍‍يَا‌ ‌وَتَزْهَ‍‍قَ ‌أَ‌ن‍‍فُسُهُمْ ‌وَهُمْ كَافِرُ‌ونَ
009-056 ويحلف هؤلاء المنافقون بالله لكم أيها المؤمنون كذبًا وباطلا إنهم لمنكم، وليسوا منكم، ولكنهم قوم يخافون فيحلفون تَقِيَّة لكم. وَيَحْلِف‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌إِنَّ‍‍هُمْ لَمِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ ‌وَمَا‌ هُمْ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ ‌وَلَكِ‍‍نَّ‍‍هُمْ قَ‍‍وْمٌ‌ يَفْ‍رَقُ‍‍ونَ
009-057 لو يجد هؤلاء المنافقون مأمنًا وحصنًا يحفظهم، أو كهفًا في جبل يؤويهم، أو نفقًا في الأرض ينجيهممنكم، لانصرفوا إليه وهم يسرعون. لَوْ‌ يَجِد‍ُ‍‌ونَ مَلْجَأً‌ ‌أَ‌وْ‌ مَ‍‍غَ‍‍ا‌رَ‍‌اتٍ ‌أَ‌وْ‌ مُدَّ‍‍خَ‍‍لا‌ ً‌ لَوَلَّوْ‌ا‌ ‌إِلَ‍‍يْ‍‍هِ ‌وَهُمْ يَ‍‍جْ‍‍مَحُونَ
009-058 ومن المنافقين مَن يعيبك في قسمة الصدقات، فإن نالهم نصيب منها رضوا وسكتوا، وإن لم يصبهم حظ منها سخطوا عليك وعابوك. وَمِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ مَ‍‌‍نْ يَلْمِزُكَ فِي ‌ال‍‍صَّ‍‍دَ‍قَ‍‍اتِ فَإِ‌نْ ‌أُعْ‍‍طُ‍‍و‌ا‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هَا‌ ‌‍رَضُ‍‍و‌ا‌ ‌وَ‌إِ‌نْ لَمْ يُعْ‍‍طَ‍‍وْ‌ا‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هَ‍‍ا‌ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ هُمْ يَسْ‍‍خَ‍‍طُ‍‍ونَ
009-059 ولو أن هؤلاء الذين يعيبونك في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله ورسوله لهم، وقالوا: حسبنا الله، سيؤتينا الله من فضله، ويعطينا رسوله مما آتاه الله، إنا نرغب أن يوسع الله علينا، فيغنينا عن الصدقة وعن صدقات الناس. لو فعلوا ذلك لكان خيرًا لهم وأجدى. وَلَوْ‌ ‌أَنَّ‍‍هُمْ ‌‍رَضُ‍‍و‌ا‌ مَ‍‍ا‌ ‌آتَاهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ ‌وَ‌‍رَسُولُ‍‍هُ ‌وَ‍قَ‍‍الُو‌ا‌ حَسْبُنَا‌ ‌اللَّهُ سَيُؤْتِينَا‌ ‌اللَّهُ مِ‍‌‍نْ فَ‍‍ضْ‍‍لِ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولُهُ~ُ ‌إِنَّ‍‍ا‌ ‌إِلَى‌ ‌اللَّ‍‍هِ ‌‍رَ‌اغِ‍‍بُونَ
009-060 إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا، وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم، وللسعاة الذين يجمعونها، وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين، أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين، وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين، وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين، ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا، وللغزاة في سبيل الله، وللمسافر الذي انقطعت به النفقة، هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح عباده، حكيم في تدبيره وشرعه. إِنَّ‍‍مَا‌ ‌ال‍‍صَّ‍‍دَ‍قَ‍‍اتُ لِلْفُ‍‍قَ‍‍ر‍َ‍‌ا‌ءِ‌ ‌وَ‌الْمَسَاك‍‍ِ‍ي‍‍نِ ‌وَ‌الْعَامِل‍‍ِ‍ي‍‍نَ عَلَيْهَا‌ ‌وَ‌الْمُؤَلَّفَةِ قُ‍‍لُوبُهُمْ ‌وَفِي ‌ال‍‍رِّ‍‍قَ‍‍ابِ ‌وَ‌الْ‍‍غَ‍‍ا‌رِم‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَفِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌ا‍ِ‍بْ‍‍نِ ‌ال‍‍سَّب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ۖ فَ‍‍رِي‍‍ضَ‍‍ة ً‌ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍مٌ حَكِيمٌ
009-061 ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلام، ويقولون: إنه يستمع لكل ما يقال لهفيصدقه، قل لهم -أيها النبي-: إن محمدًا هو أذن تستمع لكل خير، يؤمن بالله ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه، وهو رحمة لمن اتبعه واهتدى بهداه. والذين يؤذون رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بأي نوع من أنواع الإيذاء، لهم عذاب مؤلم موجع. وَمِ‍‌‍نْ‍‍هُمُ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يُؤْ‌ذ‍ُ‍‌ونَ ‌ال‍‍نَّ‍‍بِيَّ ‌وَيَ‍‍قُ‍‍ول‍‍ُ‍ونَ هُوَ‌ ‌أُ‌ذُن‌‍ٌۚ قُ‍‍لْ ‌أُ‌ذُنُ خَ‍‍يْ‍‍ر‌ٍ‌ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَ‌‍رَحْمَة ٌ‌ لِلَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ ۚ ‌وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يُؤْ‌ذ‍ُ‍‌ونَ ‌‍رَس‍‍ُ‍ولَ ‌اللَّ‍‍هِ لَهُمْ عَذ‍َ‍‌ابٌ ‌أَلِيمٌ
009-062 يحلف المنافقون الأيمان الكاذبة، ويقدمون الأعذار الملفقة؛ ليُرضُوا المؤمنين، والله ورسوله أحق وأولى أن يُرضُوهما بالإيمان بهما وطاعتهما، إن كانوا مؤمنين حقًا. يَحْلِف‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ لَكُمْ لِيُرْ‍ضُ‍‍وكُمْ ‌وَ‌اللَّهُ ‌وَ‌‍رَسُولُهُ~ُ ‌أَحَ‍‍قُّ ‌أَ‌نْ يُرْ‍ضُ‍‍وهُ ‌إِ‌نْ كَانُو‌ا‌ مُؤْمِنِينَ
009-063 ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن مصير الذين يحاربون الله ورسوله نارُ جهنم لهم العذاب الدائم فيها؟ ذلك المصير هو الهوان والذل العظيم، ومن المحاربة أذِيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبه والقدح فيه، عياذًا بالله من ذلك. أَلَمْ يَعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ‍‍هُ مَ‍‌‍نْ يُحَا‌دِ‌دِ‌ ‌اللَّ‍‍هَ ‌وَ‌‍رَسُولَ‍‍هُ فَأَنَّ لَ‍‍هُ ن‍‍َ‍ا‌‍رَ‌ جَهَ‍‍نَّ‍‍مَ خَ‍‍الِد‌ا‌‌ ً‌ فِيهَا‌ ۚ ‌ذَلِكَ ‌الْ‍‍خِ‍‍زْيُ ‌الْعَ‍‍ظِ‍‍يمُ
009-064 يخاف المنافقون أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه في قلوبهم من الكفر، قل لهم -أيها النبي-: استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية، إن الله مخرج حقيقة ما تحذرون. يَحْذَ‌رُ‌ ‌الْمُنَافِ‍‍قُ‍‍ونَ ‌أَ‌نْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُو‌‍رَة‌‍ٌ‌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا‌ فِي قُ‍‍لُوبِهِمْ ۚ قُ‍‍لِ ‌اسْتَهْزِئُ‍‍و‌ا‌ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ مُ‍‍خْ‍‍رِجٌ‌ مَا‌ تَحْذَ‌رُ‌ونَ
009-065 ولئن سألتهم -أيها النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق أصحابك لَيَقولُنَّ: إنما كنا نتحدث بكلام لا قصد لنا به، قل لهم -أيها النبي-: أبالله عز وجل وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟ وَلَئِ‍‌‍نْ سَأَلْتَهُمْ لَيَ‍‍قُ‍‍ولُ‍‍نَّ ‌إِنَّ‍‍مَا‌ كُ‍‍نَّ‍‍ا‌ نَ‍‍خُ‍‍و‍ضُ ‌وَنَلْعَبُ ۚ قُ‍‍لْ ‌أَبِاللَّهِ ‌وَ‌آيَاتِ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولِ‍‍هِ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ تَسْتَهْزِئ‍‍ُ‍‍ونَ
009-066 لا تعتذروا -معشرالمنافقين- فلا جدوى مِن اعتذاركم، قد كفرتم بهذا المقال الذي استهزأتم به، إن نعف عن جماعة منكم طلبت العفو وأخلصت في توبتها، نعذب جماعة أخرى بسبب إجرامهم بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة. لاَ‌ تَعْتَذِ‌رُ‌و‌اقَ‍‍دْ‌ كَفَرْتُمْ بَعْدَ‌ ‌إِيمَانِكُمْ ۚ ‌إِ‌نْ نَعْفُ عَ‍‌‍نْ طَ‍‍ائِفَةٍ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ نُعَذِّبْ طَ‍‍ائِفَة ً‌ بِأَنَّ‍‍هُمْ كَانُو‌ا‌ مُ‍‍جْ‍‍رِمِينَ
009-067 المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة، ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، نسوا الله فلا يذكرونه، فنسيهم من رحمته، فلم يوفقهم إلى خير. إن المنافقين هم الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله. الْمُنَافِ‍‍قُ‍‍ونَ ‌وَ‌الْمُنَافِ‍‍قَ‍‍اتُ بَعْ‍‍ضُ‍‍هُمْ مِ‍‌‍نْ بَعْ‍‍ضٍۚ يَأْمُر‍ُ‍‌ونَ بِ‍الْمُ‍‌‍نْ‍‍كَ‍‍ر‍ِ‍‌ ‌وَيَ‍‌‍نْ‍‍هَ‍‍وْنَ عَنِ ‌الْمَعْر‍ُ‍‌وفِ ‌وَيَ‍‍قْ‍‍بِ‍‍ضُ‍‍ونَ ‌أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُو‌ا‌اللَّ‍‍هَ فَنَسِيَهُمْ ۗ ‌إِنَّ ‌الْمُنَافِ‍‍قِ‍‍ي‍‍نَ هُمُ ‌الْفَاسِ‍‍قُ‍‍ونَ
009-068 وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار بأن مصيرهم إلى نار جهنم خالدين فيها أبدًا، هي كافيتهم؛ عقابًا على كفرهم بالله، وطردهم الله مِن رحمته، ولهم عذاب دائم. وَعَدَ‌ ‌اللَّ‍‍هُ ‌الْمُنَافِ‍‍قِ‍‍ي‍‍نَ ‌وَ‌الْمُنَافِ‍‍قَ‍‍اتِ ‌وَ‌الْكُفّ‍‍َ‍ا‌‍رَ‌ ن‍‍َ‍ا‌‍رَ‌ جَهَ‍‍نَّ‍‍مَ خَ‍‍الِد‍ِ‍ي‍‍نَ فِيهَا‌ ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ ‌وَلَعَنَهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ ۖ ‌وَلَهُمْ عَذ‍َ‍‌ابٌ‌ مُ‍‍قِ‍‍يمٌ
009-069 إن أفعالكم -معشر المنافقين- من الاستهزاء والكفر كأفعال الأمم السابقة التي كانت على جانب من القوة والمال والأولاد أشد منكم، فاطْمَأنوا إلى الحياة الدنيا، وتَمتَّعوا بما فيها من الحظوظ والملذات، فاستمعتم أيها المنافقون بنصيبكم من الشهوات الفانية كاستمتاع الذين من قبلكم بحظوظهم الفانية، وخضتم بالكذب على الله كخوض تلك الأمم قبلكم، أولئك الموصوفون بهذه الأخلاق هم الذينذهبت حسناتهم في الدنيا والآخرة، وأولئك هم الخاسرون ببيعهم نعيم الآخرة بحظوظهم من الدنيا. كَالَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لِكُمْ كَانُ‍‍و‌ا‌ ‌أَشَدَّ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍كُمْ قُ‍‍وَّة ً‌ ‌وَ‌أَكْثَ‍رَ‌ ‌أَمْوَ‌الا‌ ً‌ ‌وَ‌أَ‌وْلاَ‌د‌ا‌‌ ً‌ فَاسْتَمْتَعُو‌ا‌ بِ‍‍خَ‍‍لاَ‍قِ‍‍هِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِ‍‍خَ‍‍لاَ‍قِ‍‍كُمْ كَمَا‌ ‌اسْتَمْتَعَ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لِكُمْ بِ‍‍خَ‍‍لاَ‍قِ‍‍هِمْ ‌وَ‍خُ‍‍ضْ‍‍تُمْ كَالَّذِي خَ‍‍اضُ‍‍و‌اۚ ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ حَبِ‍‍طَ‍‍تْ ‌أَعْمَالُهُمْ فِي ‌ال‍‍دُّ‌نْ‍‍يَا‌ ‌وَ‌الآ‍‍خِ‍رَةِ ۖ ‌وَ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ هُمُ ‌الْ‍‍خَ‍‍اسِرُ‌ونَ
009-070 ألم يأت هؤلاء المنافقين خبرُ الذين مضوا مِن قوم نوح وقبيلة عاد وقبيلة ثمود وقوم إبراهيم وأصحاب (مدين) وقوم لوط عندما جاءهم المرسلون بالوحي وبآيات الله فكذَّبوهم؟ فأنزل الله بهؤلاء جميعًا عذابه؛ انتقامًا منهم لسوء عملهم، فما كان الله ليظلمهم، ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم بالتكذيب والمخالفة. أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لِهِمْ قَ‍‍وْمِ ن‍‍ُ‍وحٍ‌ ‌وَع‍‍َ‍ا‌د‌ٍ‌ ‌وَثَم‍‍ُ‍و‌دَ‌ ‌وَ‍قَ‍‍وْمِ ‌إِبْ‍‍‍رَ‌اه‍‍ِ‍ي‍‍مَ ‌وَ‌أَ‍صْ‍‍ح‍‍َ‍ابِ مَ‍‍دْيَنَ ‌وَ‌الْمُؤْتَفِك‍‍َ‍اتِ ۚ ‌أَتَتْهُمْ ‌رُسُلُهُمْ بِ‍البَيِّن‍‍َ‍اتِ ۖ فَمَا‌ ك‍‍َ‍انَ ‌اللَّ‍‍هُ لِيَ‍‍ظْ‍‍لِمَهُمْ ‌وَلَكِ‍‌‍نْ كَانُ‍‍و‌ا‌ ‌أَ‌ن‍‍فُسَهُمْ يَ‍‍ظْ‍‍لِمُونَ
009-071 والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض، يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح، وينهونهم عن الكفر والمعاصي، ويؤدون الصلاة، ويعطون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، وينتهون عما نُهوا عنه، أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في تشريعاته وأحكامه. وَ‌الْمُؤْمِن‍‍ُ‍ونَ ‌وَ‌الْمُؤْمِن‍‍َ‍اتُ بَعْ‍‍ضُ‍‍هُمْ ‌أَ‌وْلِي‍‍َ‍ا‌ءُ‌ بَعْ‍‍ضٍۚ يَأْمُر‍ُ‍‌ونَ بِ‍الْمَعْر‍ُ‍‌وفِ ‌وَيَ‍‌‍نْ‍‍هَ‍‍وْنَ عَنِ ‌الْمُ‍‌‍ن‍‍كَ‍‍ر‍ِ‍‌ ‌وَيُ‍‍قِ‍‍يم‍‍ُ‍ونَ ‌ال‍‍صَّ‍‍لاَةَ ‌وَيُؤْت‍‍ُ‍ونَ ‌ال‍‍زَّك‍‍َ‍اةَ ‌وَيُ‍‍طِ‍‍يع‍‍ُ‍ونَ ‌اللَّ‍‍هَ ‌وَ‌‍رَسُولَهُ~ُ ۚ ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ ۗ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ عَز‍ِ‍ي‍‍زٌ‌ حَكِيمٌ
009-072 وعد الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجري من تحتها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، لا يزول عنهم نعيمها، ومساكن حسنة البناء طيبة القرار في جنات إقامة، ورضوان من الله أكبر وأعظم مما هم فيه من النعيم. ذلك الوعد بثواب الآخرة هو الفلاح العظيم. وَعَدَ‌ ‌اللَّ‍‍هُ ‌الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَ‌الْمُؤْمِن‍‍َ‍اتِ جَ‍‍نّ‍‍َ‍ات‌‍ٍ‌ تَ‍‍جْ‍‍رِي مِ‍‌‍نْ تَحْتِهَا‌ ‌الأَ‌نْ‍‍ه‍‍َ‍ا‌رُ‌ خَ‍‍الِد‍ِ‍ي‍‍نَ فِيهَا‌ ‌وَمَسَاكِنَ طَ‍‍يِّبَة‌ ً‌ فِي جَ‍‍نّ‍‍َ‍اتِ عَ‍‍دْنٍۚ ‌وَ‌رِ‍‍ضْ‍‍و‍َ‍‌انٌ‌ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ‌أَكْبَرُ‌ ۚ ‌ذَلِكَ هُوَ‌ ‌الْفَ‍‍وْ‌زُ‌ ‌الْعَ‍‍ظِ‍‍يمُ
009-073 يا أيها النبي جاهد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان والحجة، واشددعلى كلا الفريقين، ومقرُّهم جهنم، وبئس المصير مصيرهم. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌ال‍‍نَّ‍‍بِيُّ جَاهِدِ‌ ‌الْكُفّ‍‍َ‍ا‌‍رَ‌ ‌وَ‌الْمُنَافِ‍‍قِ‍‍ي‍‍نَ ‌وَ‌اغْ‍‍لُ‍‍ظْ عَلَيْهِمْ ۚ ‌وَمَأْ‌وَ‌اهُمْ جَهَ‍‍نَّ‍‍مُ ۖ ‌وَبِئْسَ ‌الْمَ‍‍صِ‍‍يرُ
009-074 يحلف المنافقون بالله أنهم ما قالوا شيئًا يسيء إلى الرسول وإلى المسلمين، إنهم لكاذبون؛ فلقد قالوا كلمة الكفر وارتدوا بها عن الإسلام وحاولوا الإضرار برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم الله من ذلك، وما وجد المنافقون شيئًا يعيبونه، وينتقدونه، إلا أن الله -تعالى- تفضل عليهم، فأغناهم بما فتح على نبيه صلى الله عليه وسلم من الخير والبركة، فإن يرجع هؤلاء الكفار إلى الإيمان والتوبة فهو خير لهم، وإن يعرضوا، أو يستمروا على حالهم، يعذبهم الله العذاب الموجع في الدنيا على أيدي المؤمنين، وفي الآخرة بنار جهنم، وليس لهم منقذ ينقذهم ولا ناصر يدفع عنهم سوء العذاب. يَحْلِف‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ مَا‌ قَ‍‍الُو‌ا‌ ‌وَلَ‍‍قَ‍‍دْ‌ قَ‍‍الُو‌ا‌ كَلِمَةَ ‌الْكُفْ‍‍ر‍ِ‍‌ ‌وَكَفَرُ‌و‌ا‌ بَعْدَ‌ ‌إِسْلاَمِهِمْ ‌وَهَ‍‍مُّ‍‍و‌ا‌ بِمَا‌ لَمْ يَنَالُو‌اۚ ‌وَمَا‌ نَ‍‍قَ‍‍مُ‍‍و‌ا‌ ‌إِلاَّ‌ ‌أَ‌نْ ‌أَ‍‍غْ‍‍نَاهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ ‌وَ‌‍رَسُولُ‍‍هُ مِ‍‌‍نْ فَ‍‍ضْ‍‍لِ‍‍هِ ۚ فَإِ‌نْ يَتُوبُو‌ا‌ يَكُ خَ‍‍يْر‌ا‌ ً‌ لَهُمْ ۖ ‌وَ‌إِ‌نْ يَتَوَلَّوْ‌ا‌ يُعَذِّبْ‍‍هُمُ ‌اللَّ‍‍هُ عَذَ‌اباً‌ ‌أَلِيما‌‌ ً‌ فِي ‌ال‍‍دُّ‌نْ‍‍يَا‌ ‌وَ‌الآ‍‍خِ‍رَةِ ۚ ‌وَمَا‌ لَهُمْ فِي ‌الأَ‌رْ‍ضِ مِ‍‌‍نْ ‌وَلِيٍّ‌ ‌وَلاَ‌ نَ‍‍صِ‍‍ي‍‍ر‍ٍ‍
009-075 ومن فقراء المنافقين مَن يقطع العهد على نفسه: لئن أعطاه الله المال ليصدَّقنَّ منه، وليعمَلنَّ ما يعمل الصالحون في أموالهم، وليسيرَنَّ في طريق الصلاح. وَمِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ مَ‍‌‍نْ عَاهَدَ‌ ‌اللَّ‍‍هَ لَئِ‍‌‍نْ ‌آتَانَا‌ مِ‍‌‍نْ فَ‍‍ضْ‍‍لِ‍‍هِ لَنَ‍‍صَّ‍‍دَّ‍‍قَ‍‍نَّ ‌وَلَنَكُونَ‍‍نَّ مِنَ ‌ال‍‍صَّ‍‍الِحِينَ
009-076 فلما أعطاهم الله من فضله بخلوا بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير، وتولَّوا وهم معرضون عن الإسلام. فَلَ‍‍مَّ‍‍ا‌ ‌آتَاهُمْ مِ‍‌‍نْ فَ‍‍ضْ‍‍لِ‍‍هِ بَ‍‍خِ‍‍لُو‌ا‌ بِ‍‍هِ ‌وَتَوَلَّو‌ا‌ ‌وَهُمْ مُعْ‍‍رِ‍‍ضُ‍‍ونَ
009-077 فكان جزاء صنيعهم وعاقبتهم أَنْ زادهم نفاقًا على نفاقهم، لا يستطيعون التخلص منه إلى يوم الحساب؛ وذلك بسبب إخلافهمالوعد الذي قطعوه على أنفسهم، وبسبب نفاقهم وكذبهم. فَأَعْ‍‍قَ‍‍بَهُمْ نِفَاق‍‍ا‌‌ ً‌ فِي قُ‍‍لُوبِهِمْ ‌إِلَى‌ يَ‍‍وْمِ يَلْ‍‍قَ‍‍وْنَ‍‍هُ بِمَ‍‍ا‌ ‌أَ‍خْ‍‍لَفُو‌ا‌اللَّ‍‍هَ مَا‌ ‌وَعَد‍ُ‍‌وهُ ‌وَبِمَا‌ كَانُو‌ا‌ يَكْذِبُونَ
009-078 ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الله يعلم ما يخفونه في أنفسهم وما يتحدثون به في مجالسهم من الكيد والمكر، وأن الله علام الغيوب؟ فسيجازيهم على أعمالهم التي أحصاها عليهم. أَلَمْ يَعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ يَعْلَمُ سِ‍‍ر‍ّ‍َهُمْ ‌وَنَ‍‍جْ‍‍وَ‌اهُمْ ‌وَ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ عَلاَّمُ ‌الْ‍‍غُ‍‍يُوبِ
009-079 ومع بخل المنافقين لا يَسْلَم المتصدقون من أذاهم؛ فإذا تصدق الأغنياء بالمال الكثير عابوهم واتهموهم بالرياء، وإذا تصدق الفقراء بما في طاقتهم استهزؤوا بهم، وقالوا سخرية منهم: ماذا تجدي صدقتهم هذه؟ سخر الله من هؤلاء المنافقين، ولهم عذاب مؤلم موجع. الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يَلْمِز‍ُ‍‌ونَ ‌الْمُ‍‍طَّ‍‍وِّع‍‍ِ‍ي‍‍نَ مِنَ ‌الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ فِي ‌ال‍‍صَّ‍‍دَ‍قَ‍‍اتِ ‌وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ لاَ‌ يَجِد‍ُ‍‌ونَ ‌إِلاَّ‌ جُهْدَهُمْ فَيَسْ‍‍خَ‍‍ر‍ُ‍‌ونَ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ۙ سَ‍‍خِ‍‍ر‍َ‍‌ ‌اللَّ‍‍هُ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ‌وَلَهُمْ عَذ‍َ‍‌ابٌ ‌أَلِيمٌ
009-080 استغفر -أيها الرسول- للمنافقين أو لا تستغفر لهم، فلن يغفر الله لهم، مهما كثر استغفارك لهم وتكرر؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله. والله سبحانه وتعالى لا يوفق للهدى الخارجين عن طاعته. اسْتَ‍‍غْ‍‍فِ‍‍رْ‌ لَهُمْ ‌أَ‌وْ‌ لاَ‌ تَسْتَ‍‍غْ‍‍فِ‍‍رْ‌ لَهُمْ ‌إِ‌نْ تَسْتَ‍‍غْ‍‍فِ‍‍رْ‌ لَهُمْ سَ‍‍بْ‍‍ع‍‍ِ‍ي‍‍نَ مَ‍رَّة‌ ً‌ فَلَ‍‌‍نْ يَ‍‍غْ‍‍فِ‍‍ر‍َ‍‌ ‌اللَّ‍‍هُ لَهُمْ ۚ ‌ذَلِكَ بِأَنَّ‍‍هُمْ كَفَرُ‌و‌ا‌ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ لاَ‌ يَهْدِي ‌الْ‍‍قَ‍‍وْمَ ‌الْفَاسِ‍‍قِ‍‍ينَ
009-081 فرح المخلفون الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعودهم في (المدينة) مخالفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرهوا أن يجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وقال بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحرِّ، وكانت غزوة (تبوك) في وقت شدة الحرِّ. قل لهم -أيها الرسول-: نار جهنم أشد حرًا، لو كانوا يعلمون ذلك. فَ‍‍رِحَ ‌الْمُ‍‍خَ‍‍لَّف‍‍ُ‍ونَ بِمَ‍‍قْ‍‍عَدِهِمْ خِ‍‍لاَفَ ‌‍رَس‍‍ُ‍ولِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَكَ‍‍رِهُ‍‍و‌ا‌ ‌أَ‌نْ يُجَاهِدُ‌و‌ا‌ بِأَمْوَ‌الِهِمْ ‌وَ‌أَ‌ن‍‍فُسِهِمْ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‍قَ‍‍الُو‌ا‌ لاَ‌ تَ‍‌‍ن‍‍فِرُ‌و‌ا‌ فِي ‌الْحَرِّ‌ ۗ قُ‍‍لْ ن‍‍َ‍ا‌رُ‌ جَهَ‍‍نَّ‍‍مَ ‌أَشَدُّ‌ حَرّ‌ا‌ ًۚ لَوْ‌ كَانُو‌ا‌ يَفْ‍‍قَ‍‍هُونَ
009-082 فليضحك هؤلاء المنافقون الذينتخلفوا عن رسول الله في غزوة (تبوك) قليلا في حياتهم الدنيا الفانية، وليبكوا كثيرًا في نار جهنم؛ جزاءً بما كانوا يكسبون في الدنيا من النفاق والكفر. فَلْيَ‍‍ضْ‍‍حَكُو‌اقَ‍‍لِيلا‌ ً‌ ‌وَلْيَ‍‍بْ‍‍كُو‌ا‌ كَثِي‍‍ر‌ا‌‌ ً‌ جَز‍َ‍‌ا‌ء‌ ً‌ بِمَا‌ كَانُو‌ا‌ يَكْسِبُونَ
009-083 فإنْ رَدَّك الله -أيها الرسول- مِن غزوتك إلى جماعة من المنافقين الثابتين على النفاق، فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى بعد غزوة (تبوك) فقل لهم: لن تخرجوا معي أبدًا في غزوة من الغزوات، ولن تقاتلوا معي عدوًا من الأعداء؛ إنكم رضيتم بالقعود أول مرة، فاقعدوا مع الذين تخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فَإِ‌نْ ‌‍رَجَعَكَ ‌اللَّ‍‍هُ ‌إِلَى‌ طَ‍‍ائِفَةٍ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ فَاسْتَأْ‌ذَن‍‍ُ‍وكَ لِلْ‍‍خُ‍‍ر‍ُ‍‌وجِ فَ‍‍قُ‍‍لْ لَ‍‌‍نْ تَ‍‍خْ‍‍رُجُو‌ا‌ مَعِيَ ‌أَبَد‌ا‌ ً‌ ‌وَلَ‍‌‍نْ تُ‍‍قَ‍‍اتِلُو‌ا‌ مَعِيَ عَدُ‌وّ‌ا‌‌ ًۖ ‌إِنَّ‍‍كُمْ ‌‍رَضِ‍‍يتُمْ بِ‍الْ‍‍قُ‍‍ع‍‍ُ‍و‌دِ‌ ‌أَ‌وَّلَ مَ‍رَّة‌‍ٍ‌ فَا‍قْ‍‍عُدُ‌و‌ا‌ مَعَ ‌الْ‍‍خَ‍‍الِفِينَ
009-084 ولا تصلِّ -أيها الرسول- أبدًا على أحد مات من المنافقين، ولا تقم على قبره لتدعو له؛ لأنهم كفروا بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وماتوا وهم فاسقون. وهذا حكم عام في كل من عُلِمَ نفاقه. وَلاَ‌ تُ‍‍صَ‍‍لِّ عَلَ‍‍ى‌ ‌أَحَد‌ٍ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ م‍‍َ‍اتَ ‌أَبَد‌ا‌ ً‌ ‌وَلاَ‌ تَ‍‍قُ‍‍مْ عَلَى‌ قَ‍‍بْ‍‍رِهِ ۖ ‌إِنَّ‍‍هُمْ كَفَرُ‌و‌ا‌ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ‌وَمَاتُو‌ا‌ ‌وَهُمْ فَاسِ‍‍قُ‍‍ونَ
009-085 ولا تعجبك -أيها الرسول- أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم، إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا بمكابدتهم الشدائد في شأنها، وبموتهم على كفرهم بالله ورسوله. وَلاَ‌ تُعْجِ‍‍بْ‍‍كَ ‌أَمْوَ‌الُهُمْ ‌وَ‌أَ‌وْلاَ‌دُهُمْ ۚ ‌إِنَّ‍‍مَا‌ يُ‍‍ر‍ِ‍ي‍‍دُ‌ ‌اللَّ‍‍هُ ‌أَ‌نْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا‌ فِي ‌ال‍‍دُّ‌نْ‍‍يَا‌ ‌وَتَزْهَ‍‍قَ ‌أَ‌ن‍‍فُسُهُمْ ‌وَهُمْ كَافِرُ‌ونَ
009-086 وإذا أنزلت سورة على محمد صلى الله عليه ولم تأمر بالإيمان بالله والإخلاص له والجهاد مع رسول الله، طلب الإذن منك -أيها الرسول- أولو اليسار من المنافقين، وقالوا: اتركنا معالقاعدين العاجزين عن الخروج. وَ‌إِ‌ذَ‌ا‌ ‌أُ‌ن‍‍زِلَتْ سُو‌‍رَةٌ ‌أَ‌نْ ‌آمِنُو‌ا‌ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَجَاهِدُ‌و‌ا‌ مَعَ ‌‍رَسُولِهِ ‌اسْتَأْ‌ذَنَكَ ‌أ‍ُ‍‌وْلُو‌ا‌ال‍‍طَّ‍‍وْلِ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ‌وَ‍قَ‍‍الُو‌ا‌ ‌ذَ‌رْنَا‌ نَكُ‍‌‍نْ مَعَ ‌الْ‍‍قَ‍‍اعِدِينَ
009-087 رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار، وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، وختم الله على قلوبهم؛ بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم. رَضُ‍‍و‌ا‌ بِأَ‌نْ يَكُونُو‌ا‌ مَعَ ‌الْ‍‍خَ‍‍وَ‌الِفِ ‌وَ‍طُ‍‍بِعَ عَلَى‌ قُ‍‍لُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ‌ يَفْ‍‍قَ‍‍هُونَ
009-088 إنْ تخلَّف هؤلاء المنافقون عن الغزو، فقد جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه بأموالهم وأنفسهم، وأولئك لهم النصر والغنيمة في الدنيا، والجنة والكرامة في الآخرة، وأولئك هم الفائزون. لَكِنِ ‌ال‍رَّس‍‍ُ‍ولُ ‌وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌ مَعَ‍‍هُ جَاهَدُ‌و‌ا‌ بِأَمْوَ‌الِهِمْ ‌وَ‌أَ‌ن‍‍فُسِهِمْ ۚ ‌وَ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ لَهُمُ ‌الْ‍‍خَ‍‍يْ‍رَ‍‌اتُ ۖ ‌وَ‌أ‍ُ‍‌وْل‍‍َ‍ائِكَ هُمُ ‌الْمُفْلِحُونَ
009-089 أعدَّ الله لهم يوم القيامة جنات تجري مِن تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا. وذلك هو الفلاح العظيم. أَعَدَّ‌ ‌اللَّ‍‍هُ لَهُمْ جَ‍‍نّ‍‍َ‍ات‌‍ٍ‌ تَ‍‍جْ‍‍رِي مِ‍‌‍نْ تَحْتِهَا‌ ‌الأَ‌نْ‍‍ه‍‍َ‍ا‌رُ‌ خَ‍‍الِد‍ِ‍ي‍‍نَ فِيهَا‌ ۚ ‌ذَلِكَ ‌الْفَ‍‍وْ‌زُ‌ ‌الْعَ‍‍ظِ‍‍يمُ
009-090 وجاء جماعة من أحياء العرب حول (المدينة) يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج للغزو، وقعد قوم بغير عذر أظهروه جرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. سيصيب الذين كفروا من هؤلاء عذاب أليم في الدنيا بالقتل وغيره، وفي الآخرة بالنار. وَج‍‍َ‍ا‌ءَ‌ ‌الْمُعَذِّ‌ر‍ُ‍‌ونَ مِنَ ‌الأَعْ‍رَ‍‌ابِ لِيُؤْ‌ذَنَ لَهُمْ ‌وَ‍قَ‍‍عَدَ‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَذَبُو‌ا‌اللَّ‍‍هَ ‌وَ‌‍رَسُولَ‍‍هُ ۚ سَيُ‍‍صِ‍‍ي‍‍بُ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ كَفَرُ‌و‌ا‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ عَذ‍َ‍‌ابٌ ‌أَلِيمٌ
009-091 ليس على أهل الأعذار مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج إثم في القعود إذا أخلصوا للهورسوله، وعملوا بشرعه، ما على مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ناصح لله ولرسوله من طريق يعاقب مِن قِبَلِه ويؤاخذ عليه. والله غفور للمحسنين، رحيم بهم. لَ‍‍يْ‍‍سَ عَلَى‌ ‌ال‍‍ضُّ‍‍عَف‍‍َ‍ا‌ءِ‌ ‌وَلاَ‌ عَلَى‌ ‌الْمَرْ‍ضَ‍‍ى‌ ‌وَلاَ‌ عَلَى‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ لاَ‌ يَجِد‍ُ‍‌ونَ مَا‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ‍‍ونَ حَ‍رَج‌‍ٌ‌ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ نَ‍‍صَ‍‍حُو‌الِلَّهِ ‌وَ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ۚ مَا‌ عَلَى‌ ‌الْمُحْسِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ مِ‍‌‍نْ سَب‍‍ِ‍ي‍‍لٍۚ ‌وَ‌اللَّهُ غَ‍‍ف‍‍ُ‍و‌ر‌ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-092 وكذلك لا إثم على الذين إذا ما جاؤوك يطلبون أن تعينهم بحملهم إلى الجهاد قلت لهم: لا أجد ما أحملكم عليه من الدوابِّ، فانصرفوا عنك، وقد فاضت أعينهم دَمعًا أسفًا على ما فاتهم من شرف الجهاد وثوابه؛ لأنهم لم يجدوا ما ينفقون، وما يحملهم لو خرجوا للجهاد في سبيل الله. وَلاَ‌ عَلَى‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ مَ‍‍ا‌ ‌أَتَ‍‍وْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُ‍‍لْتَ لاَ‌ ‌أَجِدُ‌ مَ‍‍ا‌ ‌أَحْمِلُكُمْ عَلَ‍‍يْ‍‍هِ تَوَلَّو‌ا‌ ‌وَ‌أَعْيُنُهُمْ تَف‍‍ِ‍ي‍‍ضُ مِنَ ‌ال‍‍دَّمْعِ حَزَناً‌ ‌أَلاَّ‌ يَجِدُ‌و‌ا‌ مَا‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ‍‍ونَ
009-093 إنما الإثم واللوم على الأغنياء الذين جاءوك -أيها الرسول- يطلبون الإذن بالتخلف، وهم المنافقون الأغنياء اختاروا لأنفسهم القعود مع النساء وأهل الأعذار، وختم الله على قلوبهم بالنفاق، فلا يدخلها إيمان، فهم لا يعلمون سوء عاقبتهم بتخلفهم عنك وتركهم الجهاد معك. إِنَّ‍‍مَا‌ ‌ال‍‍سَّب‍‍ِ‍ي‍‍لُ عَلَى‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يَسْتَأْ‌ذِنُونَكَ ‌وَهُمْ ‌أَ‍‍غْ‍‍نِي‍‍َ‍ا‌ءُ‌ ۚ ‌‍رَضُ‍‍و‌ا‌ بِأَ‌نْ يَكُونُو‌ا‌ مَعَ ‌الْ‍‍خَ‍‍وَ‌الِفِ ‌وَ‍طَ‍‍بَعَ ‌اللَّ‍‍هُ عَلَى‌ قُ‍‍لُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ‌ يَعْلَمُونَ
009-094 يعتذر إليكم -أيها المؤمنون- هؤلاء المتخلفون عن جهاد المشركين بالأكاذيب عندما تعودون مِن جهادكم من غزوة (تبوك)، قل لهم -أيها الرسول-: لا تعتذروا لن نصدقكم فيما تقولون، قد نبأنا الله من أمركم ما حقق لدينا كذبكم، وسيرى الله عملكم ورسوله، إن كنتم تتوبون من نفاقكم، أو تقيمون عليه،وسيُظهر للناس أعمالكم في الدنيا، ثم ترجعون بعد مماتكم إلى الذي لا تخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها، فيخبركم بأعمالكم كلها، ويجازيكم عليها. يَعْتَذِ‌ر‍ُ‍‌ونَ ‌إِلَيْكُمْ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ ‌‍رَجَعْتُمْ ‌إِلَيْهِمْ ۚ قُ‍‍لْ لاَ‌ تَعْتَذِ‌رُ‌و‌ا‌ لَ‍‌‍نْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَ‍‍دْ‌ نَبَّأَنَا‌ ‌اللَّهُ مِ‍‌‍نْ ‌أَ‍خْ‍‍بَا‌رِكُمْ ۚ ‌وَسَيَ‍رَ‌ى‌ ‌اللَّ‍‍هُ عَمَلَكُمْ ‌وَ‌‍رَسُولُ‍‍هُ ثُ‍‍مَّ تُ‍رَ‌دّ‍ُ‍‌ونَ ‌إِلَى‌ عَالِمِ ‌الْ‍‍غَ‍‍يْ‍‍بِ ‌وَ‌ال‍‍شَّهَا‌دَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا‌ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ تَعْمَلُونَ
009-095 سيحلف لكم المنافقون بالله -كاذبين معتذرين- إذا رجعتم إليهم من الغزو؛ لتتركوهم دون مساءلة، فاجتنبوهم وأعرضوا عنهم احتقارًا لهم، إنهم خبثاء البواطن، ومكانهم الذي يأوون إليه في الآخرة نار جهنم؛ جزاء بما كانوا يكسبون من الآثام والخطايا. سَيَحْلِف‍‍ُ‍ونَ بِ‍اللَّ‍‍هِ لَكُمْ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ ‌ان‍‍قَ‍‍لَ‍‍بْ‍‍تُمْ ‌إِلَيْهِمْ لِتُعْ‍‍رِ‍‍ضُ‍‍و‌ا‌ عَ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ۖ فَأَعْ‍‍رِ‍‍ضُ‍‍و‌ا‌ عَ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ۖ ‌إِنَّ‍‍هُمْ ‌رِجْ‍‍سٌۖ ‌وَمَأْ‌وَ‌اهُمْ جَهَ‍‍نَّ‍‍مُ جَز‍َ‍‌ا‌ء‌ ً‌ بِمَا‌ كَانُو‌ا‌ يَكْسِبُونَ
009-096 يحلف لكم -أيها المؤمنون- هؤلاء المنافقون كذبًا؛ لتَرضَوا عنهم، فإن رضيتم عنهم -لأنكم لا تعلمون كذبهم- فإن الله لا يرضى عن هؤلاء وغيرهم ممن استمروا على الفسوق والخروج عن طاعة الله ورسوله. يَحْلِف‍‍ُ‍ونَ لَكُمْ لِتَرْ‍ضَ‍‍وْ‌ا‌ عَ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ۖ فَإِ‌نْ تَرْ‍ضَ‍‍وْ‌ا‌ عَ‍‌‍نْ‍‍هُمْ فَإِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ لاَ‌ يَرْ‍ضَ‍‍ى‌ عَنِ ‌الْ‍‍قَ‍‍وْمِ ‌الْفَاسِ‍‍قِ‍‍ينَ
009-097 الأعراب سكان البادية أشد كفرًا ونفاقًا من أهل الحاضرة، وذلك لجفائهم وقسوة قلوبهم وبُعدهم عن العلم والعلماء، ومجالس الوعظ والذكر، فهم لذلك أحق بأن لا يعلموا حدود الدين، وما أنزل الله من الشرائع والأحكام. والله عليم بحال هؤلاء جميعًا، حكيم في تدبيره لأمور عباده. الأَعْ‍رَ‍‌ابُ ‌أَشَدُّ‌ كُفْر‌ا‌ ً‌ ‌وَنِفَاق‍‍ا‌ ً‌ ‌وَ‌أَجْ‍‍دَ‌رُ‌ ‌أَلاَّ‌ يَعْلَمُو‌ا‌ حُد‍ُ‍‌و‌دَ‌ مَ‍‍ا‌ ‌أَ‌ن‍‍زَلَ ‌اللَّ‍‍هُ عَلَى‌ ‌‍رَسُولِ‍‍هِ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍مٌ حَكِيمٌ
009-098 ومن الأعراب مَن يحتسب ما ينفق في سبيل الله غرامة وخسارة لا يرجو له ثوابًا، ولا يدفع عن نفسه عقابًا، وينتظر بكم الحوادث والآفات، ولكن السوء دائر عليهم لابالمسلمين. والله سميع لما يقولون عليم بنياتهم الفاسدة. وَمِنَ ‌الأَعْ‍رَ‍‌ابِ مَ‍‌‍نْ يَتَّ‍‍خِ‍‍ذُ‌ مَا‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ مَ‍‍غْ‍رَما‌ ً‌ ‌وَيَتَ‍رَبَّ‍‍صُ بِكُمُ ‌ال‍‍دَّ‌و‍َ‍‌ائِ‍‍ر‍َ‍‌ ۚ عَلَيْهِمْ ‌د‍َ‍‌ائِ‍رَةُ ‌ال‍‍سَّ‍‍وْ‌ءِ‌ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ سَم‍‍ِ‍ي‍‍عٌ عَلِيمٌ
009-099 ومن الأعراب مَن يؤمن بالله ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث بعد الموت، والثواب والعقاب، ويحتسب ما ينفق من نفقة في جهاد المشركين قاصدًا بها رضا الله ومحبته، ويجعلها وسيلة إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له، ألا إن هذه الأعمال تقربهم إلى الله تعالى، سيدخلهم الله في جنته. إن الله غفور لما فعلوا من السيئات، رحيم بهم. وَمِنَ ‌الأَعْ‍رَ‍‌ابِ مَ‍‌‍نْ يُؤْمِنُ بِ‍اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌الْيَ‍‍وْمِ ‌الآ‍‍خِ‍‍رِ‌ ‌وَيَتَّ‍‍خِ‍‍ذُ‌ مَا‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ قُ‍‍رُب‍‍َ‍اتٍ عِ‍‌‍نْ‍‍دَ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‍صَ‍‍لَو‍َ‍‌اتِ ‌ال‍رَّس‍‍ُ‍ولِ ۚ ‌أَلاَ‌ ‌إِنَّ‍‍هَا‌ قُ‍‍رْبَة ٌ‌ لَهُمْ ۚ سَيُ‍‍دْ‍‍خِ‍‍لُهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ فِي ‌‍رَحْمَتِهِ ۗ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ غَ‍‍ف‍‍ُ‍و‌ر‌ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-100 والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام، والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار، والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى، أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله، ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم وإيمانهم، وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا، ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم، وثناء عليهم؛ ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان. وَ‌السَّابِ‍‍قُ‍‍ونَ ‌الأَ‌وَّل‍‍ُ‍ونَ مِنَ ‌الْمُهَاجِ‍‍ر‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَ‌الأَ‌ن‍‍صَ‍‍ا‌ر‍ِ‍‌ ‌وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْس‍‍َ‍ان‍ٍ‌ ‌‍رَضِ‍‍يَ ‌اللَّ‍‍هُ عَ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ‌وَ‌‍رَضُ‍‍و‌ا‌ عَ‍‌‍نْ‍‍هُ ‌وَ‌أَعَدَّ‌ لَهُمْ جَ‍‍نّ‍‍َ‍ات‌‍ٍ‌ تَ‍‍جْ‍‍رِي تَحْتَهَا‌ ‌الأَ‌نْ‍‍ه‍‍َ‍ا‌رُ‌ خَ‍‍الِد‍ِ‍ي‍‍نَ فِيهَ‍‍ا‌ ‌أَبَد‌ا‌‌ ًۚ ‌ذَلِكَ ‌الْفَ‍‍وْ‌زُ‌ ‌الْعَ‍‍ظِ‍‍يمُ
009-101 ومن القوم الذين حول (المدينة) أعراب منافقون، ومن أهل (المدينة)منافقون أقاموا على النفاق، وازدادوا فيه طغيانًا، بحيث يخفى عليك -أيها الرسول- أمرهم، نحن نعلمهم، سنعذبهم مرتين: بالقتل والسبي والفضيحة في الدنيا، وبعذاب القبر بعد الموت، ثم يُرَدُّون يوم القيامة إلى عذاب عظيم في نار جهنم. وَمِ‍‍مَّ‍‍‌‍نْ حَوْلَكُمْ مِنَ ‌الأَعْ‍رَ‍‌ابِ مُنَافِ‍‍قُ‍‍ونَ ۖ ‌وَمِ‍‌‍نْ ‌أَهْلِ ‌الْمَدِينَةِ ۖ مَ‍رَ‌دُ‌و‌ا‌ عَلَى‌ ‌ال‍‍نِّ‍‍ف‍‍َ‍اقِ لاَ‌ تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَ‍رَّتَ‍‍يْ‍‍نِ ثُ‍‍مَّ يُ‍رَ‌دّ‍ُ‍‌ونَ ‌إِلَى‌ عَذ‍َ‍‌ابٍ عَ‍‍ظِ‍‍يمٍ
009-102 وآخرون من أهل (المدينة) وممن حولها، اعترفوا بذنوبهم وندموا عليها وتابوا منها، خلطوا العمل الصالح -وهو التوبة والندم والاعتراف بالذنب وغير ذلك من الأعمال الصالحة- بآخر سيِّئ- وهو التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الأعمال السيئة -عسى الله أن يوفقهم للتوبة ويقبلها منهم. إن الله غفور لعباده، رحيم بهم. وَ‌آ‍‍خَ‍‍ر‍ُ‍‌ونَ ‌اعْتَ‍رَفُو‌ا‌ بِذُنُوبِهِمْ خَ‍‍لَ‍‍طُ‍‍و‌ا‌ عَمَلا‌‌ ًصَ‍‍الِحا‌ ً‌ ‌وَ‌آ‍‍خَ‍رَ‌ سَيِّئاً‌ عَسَى‌ ‌اللَّ‍‍هُ ‌أَ‌نْ يَت‍‍ُ‍وبَ عَلَيْهِمْ ۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ غَ‍‍ف‍‍ُ‍و‌ر‌ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-103 خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم، وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين، وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر لهم منها، إن دعاءك واستغفارك رحمة وطمأنينة لهم. والله سميع لكل دعاء وقول، عليم بأحوال العباد ونياتهم، وسيجازي كلَّ عامل بعمله. خُ‍‍ذْ‌ مِ‍‌‍نْ ‌أَمْوَ‌الِهِمْ صَ‍‍دَ‍قَ‍‍ة‌ ً‌ تُ‍‍طَ‍‍هِّرُهُمْ ‌وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا‌ ‌وَ‍صَ‍‍لِّ عَلَيْهِمْ ۖ ‌إِنَّ صَ‍‍لاَتَكَ سَكَن ٌ‌ لَهُمْ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ سَم‍‍ِ‍ي‍‍عٌ عَلِيمٌ
009-104 ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد وغيرهم أن الله وحده هو الذي يقبل توبة عباده، ويأخذ الصدقات ويثيب عليها، وأن الله هو التواب لعباده إذارجعوا إلى طاعته، الرحيم بهم إذا أنابوا إلى رضاه؟ أَلَمْ يَعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ هُوَ‌ يَ‍‍قْ‍‍بَلُ ‌ال‍‍تَّوبَةَ عَ‍‌‍نْ عِبَا‌دِهِ ‌وَيَأْ‍خُ‍‍ذُ‌ ‌ال‍‍صَّ‍‍دَ‍قَ‍‍اتِ ‌وَ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ هُوَ‌ ‌ال‍‍تَّوّ‍َ‍‌ابُ ‌ال‍رَّحِيمُ
009-105 وقل -أيها النبي- لهؤلاء المتخلِّفين عن الجهاد: اعملوا لله بما يرضيه من طاعته، وأداء فرائضه، واجتناب المعاصي، فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وسيتبين أمركم، وسترجعون يوم القيامة إلى مَن يعلم سركم وجهركم، فيخبركم بما كنتم تعملون. وفي هذا تهديد ووعيد لمن استمر على باطله وطغيانه. وَ‍قُ‍‍لِ ‌اعْمَلُو‌ا‌ فَسَيَ‍رَ‌ى‌ ‌اللَّ‍‍هُ عَمَلَكُمْ ‌وَ‌‍رَسُولُ‍‍هُ ‌وَ‌الْمُؤْمِن‍‍ُ‍ونَ ۖ ‌وَسَتُ‍رَ‌دّ‍ُ‍‌ونَ ‌إِلَى‌ عَالِمِ ‌الْ‍‍غَ‍‍يْ‍‍بِ ‌وَ‌ال‍‍شَّهَا‌دَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا‌ كُ‍‌‍ن‍‍تُمْ تَعْمَلُونَ
009-106 ومن هؤلاء المتخلفين عنكم -أيها المؤمنون- في غزوة (تبوك) آخرون مؤخرون؛ ليقضي الله فيهم ما هو قاض. وهؤلاء هم الذين ندموا على ما فعلوا، وهم: مُرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أُميَّة، إما يعذبهم الله، وإما يعفو عنهم. والله عليم بمن يستحق العقوبة أو العفو، حكيم في كل أقواله وأفعاله. وَ‌آ‍‍خَ‍‍ر‍ُ‍‌ونَ مُرْجَ‍‍وْنَ لِأَمْ‍‍ر‍ِ‍‌ ‌اللَّ‍‍هِ ‌إِمَّ‍‍ا‌ يُعَذِّبُهُمْ ‌وَ‌إِمَّ‍‍ا‌ يَت‍‍ُ‍وبُ عَلَيْهِمْ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍مٌ حَكِيمٌ
009-107 والمنافقون الذين بنوا مسجدًا؛ مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين، ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي يصلي فيه المسلمون، فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك، وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكانًا للكيد للمسلمين، وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاءالعاجزين عن السير إلى مسجد (قباء)، والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق. وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌اتَّ‍‍خَ‍‍ذُ‌و‌ا‌ مَسْجِد‌ا‌‌ ًضِ‍رَ‌ا‌ر‌ا‌ ً‌ ‌وَكُفْر‌ا‌ ً‌ ‌وَتَفْ‍‍رِي‍‍ق‍‍ا‌ ً‌ بَ‍‍يْ‍‍نَ ‌الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَ‌إِ‌ر‍ْ‍‍صَ‍‍ا‌د‌ا‌ ً‌ لِمَ‍‌‍نْ حَا‌‍رَبَ ‌اللَّ‍‍هَ ‌وَ‌‍رَسُولَ‍‍هُ مِ‍‌‍نْ قَ‍‍بْ‍‍لُ ۚ ‌وَلَيَحْلِفُ‍‍نَّ ‌إِ‌نْ ‌أَ‌‍رَ‌دْنَ‍‍ا‌ ‌إِلاَّ‌ ‌الْحُسْنَى‌ ۖ ‌وَ‌اللَّهُ يَشْهَدُ‌ ‌إِنَّ‍‍هُمْ لَكَا‌ذِبُونَ
009-108 لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد أبدًا؛ فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد (قباء)- أولى أن تقوم فيه للصلاة، ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار، كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب المتطهرين. وإذا كان مسجد (قباء) قد أُسِّسَ على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كذلك بطريق الأولى والأحرى. لاَ‌ تَ‍‍قُ‍‍مْ ف‍‍ِ‍ي‍‍هِ ‌أَبَد‌ا‌ ًۚ لَمَسْجِدٌ‌ ‌أُسِّسَ عَلَى‌ ‌ال‍‍تَّ‍‍قْ‍‍وَ‌ى‌ مِ‍‌‍نْ ‌أَ‌وَّلِ يَ‍‍وْمٍ ‌أَحَ‍‍قُّ ‌أَ‌نْ تَ‍‍قُ‍‍ومَ ف‍‍ِ‍ي‍‍هِ ۚ ف‍‍ِ‍ي‍‍هِ ‌رِج‍‍َ‍الٌ‌ يُحِبّ‍‍ُ‍ونَ ‌أَ‌نْ يَتَ‍‍طَ‍‍هَّرُ‌و‌اۚ ‌وَ‌اللَّهُ يُحِبُّ ‌الْمُ‍‍طَّ‍‍هِّ‍‍رِينَ
009-109 لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله وطاعته ومرضاته، ومن أسَّس بنيانه على طرف حفرة متداعية للسقوط، فبنى مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين، فأدَّى به ذلك إلى السقوط في نار جهنم. والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده. أَفَمَ‍‌‍نْ ‌أَسَّسَ بُ‍‌‍نْ‍‍يَانَ‍‍هُ عَلَى‌ تَ‍‍قْ‍‍وَ‌ى‌ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَ‌رِ‍‍ضْ‍‍و‍َ‍‌انٍ خَ‍‍يْ‍‍رٌ‌ ‌أَمْ مَ‍‌‍نْ ‌أَسَّسَ بُ‍‌‍نْ‍‍يَانَ‍‍هُ عَلَى‌ شَفَا‌ جُرُفٍ ه‍‍َ‍ا‌ر‌‌ٍ‌ فَا‌نْ‍‍ه‍‍َ‍ا‌‍رَ‌ بِ‍‍هِ فِي ن‍‍َ‍ا‌ر‍ِ‍‌ جَهَ‍‍نَّ‍‍مَ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ لاَ‌ يَهْدِي ‌الْ‍‍قَ‍‍وْمَ ‌ال‍‍ظَّ‍‍الِمِينَ
009-110 لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم، إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو موتهم، أو بندمهم غاية الندم، وتوبتهم إلى ربهم، وخوفهم منه غاية الخوف. والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا فيبنائهم، حكيم في تدبير أمور خلقه. لاَ‌ يَز‍َ‍‌الُ بُ‍‌‍نْ‍‍يَانُهُمُ ‌الَّذِي بَنَوْ‌ا‌ ‌رِيبَة‌ ً‌ فِي قُ‍‍لُوبِهِمْ ‌إِلاَّ‌ ‌أَ‌نْ تَ‍‍قَ‍‍طَّ‍‍عَ قُ‍‍لُوبُهُمْ ۗ ‌وَ‌اللَّهُ عَل‍‍ِ‍ي‍‍مٌ حَكِيمٌ
009-111 إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة، وما أعد الله فيها من النعيم لبذلهم نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته وإظهار دينه، فيَقْتلون ويُقتَلون، وعدًا عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام، والإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام، والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما عاهد الله عليه، فأظهِروا السرور-أيها المؤمنون- ببيعكم الذي بايعتم الله به، وبما وعدكم به من الجنة والرضوان، وذلك البيع هو الفلاح العظيم. إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ ‌اشْتَ‍رَ‌ى‌ مِنَ ‌الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌أَ‌ن‍‍فُسَهُمْ ‌وَ‌أَمْوَ‌الَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ‌الْجَ‍‍نَّ‍‍ةَ ۚ يُ‍‍قَ‍‍اتِل‍‍ُ‍ونَ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ فَيَ‍‍قْ‍‍تُل‍‍ُ‍ونَ ‌وَيُ‍‍قْ‍‍تَل‍‍ُ‍ونَ ۖ ‌وَعْد‌اً‌ عَلَ‍‍يْ‍‍هِ حَ‍‍قّ‍‍ا‌‌ ً‌ فِي ‌ال‍‍تَّوْ‌رَ‍‌اةِ ‌وَ‌الإِ‌ن‍‍ج‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌وَ‌الْ‍‍قُ‍‍رْ‌آنِ ۚ ‌وَمَ‍‌‍نْ ‌أَ‌وْفَى‌ بِعَهْدِهِ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ۚ فَاسْتَ‍‍بْ‍‍شِرُ‌و‌ا‌ بِبَيْعِكُمُ ‌الَّذِي بَايَعْتُمْ بِ‍‍هِ ۚ ‌وَ‌ذَلِكَ هُوَ‌ ‌الْفَ‍‍وْ‌زُ‌ ‌الْعَ‍‍ظِ‍‍يمُ
009-112 ومن صفات هؤلاء المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنة أنهم التائبون الراجعون عما كرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه، الذين أخلصوا العبادة لله وحده وجدوا في طاعته، الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير أو شر، الصائمون، الراكعون في صلاتهم، الساجدون فيها، الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله ورسوله به، وينهونهم عن كل ما نهى الله عنه ورسوله، المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه، القائمون على طاعته، الواقفون عند حدوده. وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنينالمتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته. ال‍‍تّ‍‍َ‍ائِب‍‍ُ‍ونَ ‌الْعَابِد‍ُ‍‌ونَ ‌الْحَامِد‍ُ‍‌ونَ ‌ال‍‍سّ‍‍َ‍ائِح‍‍ُ‍ونَ ‌ال‍رَّ‌اكِع‍‍ُ‍ونَ ‌ال‍‍سَّاجِد‍ُ‍‌ونَ ‌الآمِر‍ُ‍‌ونَ بِ‍الْمَعْر‍ُ‍‌وفِ ‌وَ‌ال‍‍نَّ‍‍اه‍‍ُ‍ونَ عَنِ ‌الْمُ‍‌‍ن‍‍كَ‍‍ر‍ِ‍‌ ‌وَ‌الْحَافِ‍‍ظُ‍‍ونَ لِحُد‍ُ‍‌و‌دِ‌ ‌اللَّ‍‍هِ ۗ ‌وَبَشِّرِ‌ ‌الْمُؤْمِنِينَ
009-113 ما كان ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا أن يدعوا بالمغفرة للمشركين، ولو كانوا ذوي قرابة لهم مِن بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان، وتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم لموتهم على الشرك، والله لا يغفر للمشركين، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (4:48)} وكما قال سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ (5:72)}. مَا‌ ك‍‍َ‍انَ لِل‍‍نَّ‍‍بِيِّ ‌وَ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُ‍‍و‌ا‌ ‌أَ‌نْ يَسْتَ‍‍غْ‍‍فِرُ‌و‌ا‌ لِلْمُشْ‍‍رِك‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَلَوْ‌ كَانُ‍‍و‌ا‌ ‌أ‍ُ‍‌وْلِي قُ‍‍رْبَى‌ مِ‍‌‍نْ بَعْدِ‌ مَا‌ تَبَيَّنَ لَهُمْ ‌أَنَّ‍‍هُمْ ‌أَ‍صْ‍‍ح‍‍َ‍ابُ ‌الْجَحِيمِ
009-114 وما كان استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه المشرك، إلا عن موعدة وعدها إياه، وهي قوله: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (19:47)}. فلما تبيَّن لإبراهيم أن أباه عدو لله ولم ينفع فيه الوعظ والتذكير، وأنه سيموت كافرًا، تركه وترك الاستغفار له، وتبرأ منه. إن إبراهيم عليه السلام عظيم التضرع لله، كثير الصفح عما يصدر مِن قومه من الزلات. وَمَا‌ ك‍‍َ‍انَ ‌اسْتِ‍‍غْ‍‍ف‍‍َ‍ا‌رُ‌ ‌إِبْ‍‍‍رَ‌اه‍‍ِ‍ي‍‍مَ لِأَب‍‍ِ‍ي‍‍هِ ‌إِلاَّ‌ عَ‍‌‍نْ مَوْعِدَةٍ‌ ‌وَعَدَهَ‍‍ا‌ ‌إِيّ‍‍َ‍اهُ فَلَ‍‍مَّ‍‍ا‌ تَبَيَّنَ لَهُ~ُ ‌أَنَّ‍‍هُ عَدُ‌وّ‌ٌلِلَّهِ تَبَ‍رَّ‌أَ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُ ۚ ‌إِنَّ ‌إِبْ‍‍‍رَ‌اه‍‍ِ‍ي‍‍مَ لَأَ‌وّ‍َ‍‌اهٌ حَلِيمٌ
009-115 وما كان الله ليضلَّ قومًا بعد أن مَنَّ عليهم بالهداية والتوفيق حتى يبيِّن لهم ما يتقونه به، وما يحتاجون إليه في أصول الدين وفروعه. إن الله بكل شيء عليم، فقد علَّمكم ما لم تكونوا تعلمون، وبيَّنلكم ما به تنتفعون، وأقام الحجة عليكم بإبلاغكم رسالته. وَمَا‌ ك‍‍َ‍انَ ‌اللَّ‍‍هُ لِيُ‍‍ضِ‍‍لَّ قَ‍‍وْما‌ ً‌ بَعْدَ‌ ‌إِ‌ذْ‌ هَدَ‌اهُمْ حَتَّى‌ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا‌ يَتَّ‍‍قُ‍‍ونَ ۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ بِكُلِّ شَ‍‍يْءٍ‌ عَلِيمٌ
009-116 إن لله مالك السموات والأرض وما فيهن لا شريك له في الخلق والتدبير والعبادة والتشريع، يحيي مَن يشاء ويميت مَن يشاء، وما لكم مِن أحد غير الله يتولى أموركم، ولا نصير ينصركم على عدوكم. إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ لَ‍‍هُ مُلْكُ ‌ال‍‍سَّمَا‌و‍َ‍‌اتِ ‌وَ‌الأَ‌رْ‍ضِ ۖ يُحْيِي ‌وَيُم‍‍ِ‍ي‍‍تُ ۚ ‌وَمَا‌ لَكُمْ مِ‍‌‍نْ ‌د‍ُ‍‌ونِ ‌اللَّ‍‍هِ مِ‍‌‍نْ ‌وَلِيٍّ‌ ‌وَلاَ‌ نَ‍‍صِ‍‍ي‍‍ر‍ٍ‍
009-117 لقد وفَّق الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنابة إليه وطاعته، وتاب الله على المهاجرين الذين هجروا ديارهم وعشيرتهم إلى دار الإسلام، وتاب على أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا معه لقتال الأعداء في غزوة (تبوك) في حرٍّ شديد، وضيق من الزاد والظَّهْر، لقد تاب الله عليهم من بعد ما كاد يَميل قلوب بعضهم عن الحق، فيميلون إلى الدَّعة والسكون، لكن الله ثبتهم وقوَّاهم وتاب عليهم، إنه بهم رؤوف رحيم. ومن رحمته بهم أنْ مَنَّ عليهم بالتوبة، وقَبِلَها منهم، وثبَّتهم عليها. لَ‍قَ‍‍دْ‌ ت‍‍َ‍ابَ ‌اللَّ‍‍هُ عَلَى‌ ‌ال‍‍نَّ‍‍بِيِّ ‌وَ‌الْمُهَاجِ‍‍ر‍ِ‍ي‍‍نَ ‌وَ‌الأَ‌ن‍‍صَ‍‍ا‌ر‍ِ‍‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌اتَّبَع‍‍ُ‍وهُ فِي سَاعَةِ ‌الْعُسْ‍رَةِ مِ‍‌‍نْ بَعْدِ‌ مَا‌ ك‍‍َ‍ا‌دَ‌ يَز‍ِ‍ي‍‍غُ قُ‍‍ل‍‍ُ‍وبُ فَ‍‍ر‍ِ‍ي‍‍قٍ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ ثُ‍‍مَّ ت‍‍َ‍ابَ عَلَيْهِمْ ۚ ‌إِنَّ‍‍هُ بِهِمْ ‌‍رَ‌ء‍ُ‍‌وف ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-118 وكذلك تاب الله على الثلاثة الذين خُلِّفوا من الأنصار -وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة ومُرَارة بن الربيع- تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحزنوا حزنًا شديدًا، حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بسَعَتها غمًّا وندمًا بسبب تخلفهم، وضاقت عليهم أنفسهم لِمَا أصابهم منالهم، وأيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، وفَّقهم الله سبحانه وتعالى إلى الطاعة والرجوع إلى ما يرضيه سبحانه. إن الله هو التواب على عباده، الرحيم بهم. وَعَلَى‌ ‌ال‍‍ثَّلاَثَةِ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ خُ‍‍لِّفُو‌ا‌ حَتَّ‍‍ى‌ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ ضَ‍‍اقَ‍‍تْ عَلَيْهِمُ ‌الأَ‌رْ‍ضُ بِمَا‌ ‌‍رَحُبَتْ ‌وَ‍ضَ‍‍اقَ‍‍تْ عَلَيْهِمْ ‌أَ‌ن‍‍فُسُهُمْ ‌وَ‍ظَ‍‍نُّ‍‍و‌ا‌ ‌أَ‌نْ لاَ‌ مَلْجَأَ‌ مِنَ ‌اللَّ‍‍هِ ‌إِلاَّ‌ ‌إِلَ‍‍يْ‍‍هِ ثُ‍‍مَّ ت‍‍َ‍ابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُ‍‍و‌اۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ هُوَ‌ ‌ال‍‍تَّوّ‍َ‍‌ابُ ‌ال‍رَّحِيمُ
009-119 يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، امتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه في كل ما تفعلون وتتركون، وكونوا مع الصادقين في أَيمانهم وعهودهم، وفي كل شأن من شؤونهم. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌اتَّ‍‍قُ‍‍و‌ا‌اللَّ‍‍هَ ‌وَكُونُو‌ا‌ مَعَ ‌ال‍‍صَّ‍‍ا‌دِقِ‍‍ينَ
009-120 ما كان ينبغي لأهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن حولهم من سكان البادية أن يتخلَّفوا في أهلهم ودورهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يرضوا لأنفسهم بالراحة والرسول صلى الله عليه وسلم في تعب ومشقة؛ ذلك بأنهم لا يصيبهم في سفرهم وجهادهم عطش ولا تعب ولا مجاعة في سبيل الله، ولا يطؤون أرضًا يُغضِبُ الكفارَ وطؤهم إياها، ولا يصيبون مِن عدو الله وعدوهم قتلا أو هزيمةً إلا كُتِب لهم بذلك كله ثواب عمل صالح. إن الله لا يضيع أجر المحسنين. مَا‌ ك‍‍َ‍انَ لِأهْلِ ‌الْمَدِينَةِ ‌وَمَ‍‌‍نْ حَوْلَهُمْ مِنَ ‌الأَعْ‍رَ‍‌ابِ ‌أَ‌نْ يَتَ‍‍خَ‍‍لَّفُو‌ا‌ عَ‍‌‍نْ ‌‍رَس‍‍ُ‍ولِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَلاَ‌ يَرْ‍غَ‍‍بُو‌ا‌ بِأَ‌ن‍‍فُسِهِمْ عَ‍‌‍نْ نَفْسِ‍‍هِ ۚ ‌ذَلِكَ بِأَنَّ‍‍هُمْ لاَ‌ يُ‍‍صِ‍‍يبُهُمْ ظَ‍‍مَأ‌ٌ‌ ‌وَلاَ‌ نَ‍‍صَ‍‍بٌ‌ ‌وَلاَ‌ مَ‍‍خْ‍‍مَ‍‍صَ‍‍ة‌‍ٌ‌ فِي سَب‍‍ِ‍ي‍‍لِ ‌اللَّ‍‍هِ ‌وَلاَ‌ يَ‍‍طَ‍‍ئ‍‍ُ‍ونَ مَوْ‍طِ‍‍ئا‌ ً‌ يَ‍‍غِ‍‍ي‍‍ظُ ‌الْكُفّ‍‍َ‍ا‌‍رَ‌ ‌وَلاَ‌ يَنَال‍‍ُ‍ونَ مِ‍‌‍نْ عَدُ‌وّ‌ٍ‌ نَيْلا‌‌ ً‌ ‌إِلاَّ‌ كُتِبَ لَهُمْ بِ‍‍هِ عَمَل‌‍ٌصَ‍‍الِح‌‍ٌۚ ‌إِنَّ ‌اللَّ‍‍هَ لاَ‌ يُ‍‍ضِ‍‍ي‍‍عُ ‌أَجْ‍‍‍رَ‌الْمُحْسِنِينَ
009-121 ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة في سبيل الله، ولا يقطعون واديًا في سيرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاده، إلا كُتِب لهم أجر عملهم؛ ليجزيهم الله أحسن ما يُجْزَون به على أعمالهم الصالحة. وَلاَ‌ يُ‍‌‍ن‍‍فِ‍‍قُ‍‍ونَ نَفَ‍‍قَ‍‍ة‌ ًصَ‍‍غِ‍‍ي‍رَة ً‌ ‌وَلاَ‌ كَبِي‍رَة ً‌ ‌وَلاَ‌ يَ‍‍قْ‍‍‍‍طَ‍‍ع‍‍ُ‍ونَ ‌وَ‌ا‌د‍ِ‍ي‍‍ا‌‌ ً‌ ‌إِلاَّ‌ كُتِبَ لَهُمْ لِيَ‍‍جْ‍‍زِيَهُمُ ‌اللَّ‍‍هُ ‌أَحْسَنَ مَا‌ كَانُو‌ا‌ يَعْمَلُونَ
009-122 وما كان ينبغيللمؤمنين أن يخرجوا جميعًا لقتال عدوِّهم، كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا جميعًا، فهلا خرج من كل فرقة جماعة تحصل بهم الكفاية والمقصود؛ وذلك ليتفقه النافرون في دين الله وما أنزل على رسوله، وينذروا قومهم بما تعلموه عند رجوعهم إليهم، لعلهم يحذرون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. وَمَا‌ ك‍‍َ‍انَ ‌الْمُؤْمِن‍‍ُ‍ونَ لِيَ‍‌‍ن‍‍فِرُ‌و‌ا‌ كَافَّة‌ ًۚ فَلَوْلاَ‌ نَفَ‍رَ‌ مِ‍‌‍نْ كُلِّ فِ‍‍رْ‍‍قَ‍‍ةٍ‌ مِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ طَ‍‍ائِفَة ٌ‌ لِيَتَفَ‍‍قَّ‍‍هُو‌ا‌ فِي ‌ال‍‍دّ‍ِ‍ي‍‍نِ ‌وَلِيُ‍‌‍ن‍‍ذِ‌رُ‌و‌اقَ‍‍وْمَهُمْ ‌إِ‌ذَ‌ا‌ ‌‍رَجَعُ‍‍و‌ا‌ ‌إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَ‌رُ‌ونَ
009-123 يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ابدؤوا بقتال الأقرب فالأقرب إلى دار الإسلام من الكفار، وليجد الكفار فيكم غِلْظة وشدة، واعلموا أن الله مع المتقين بتأييده ونصره. يَ‍‍ا‌ ‌أَيُّهَا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌اقَ‍‍اتِلُو‌ا‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ يَلُونَكُمْ مِنَ ‌الْكُفّ‍‍َ‍ا‌ر‍ِ‍‌ ‌وَلْيَجِدُ‌و‌ا‌ فِيكُمْ غِ‍‍لْ‍‍ظَ‍‍ة ًۚ ‌وَ‌اعْلَمُ‍‍و‌ا‌ ‌أَنَّ ‌اللَّ‍‍هَ مَعَ ‌الْمُتَّ‍‍قِ‍‍ينَ
009-124 وإذا ما أنزل الله سورة من سور القرآن على رسوله، فمِن هؤلاء المنافقين من يقول: -إنكارًا واستهزاءً- أيُّكم زادته هذه السورة تصديقًا بالله وآياته؟ فأما الذين آمنوا بالله ورسوله فزادهم نزول السورة إيمانًا بالعلم بها وتدبرها واعتقادها والعمل بها، وهم يفرحون بما أعطاهم الله من الإيمان واليقين. وَ‌إِ‌ذَ‌ا‌ مَ‍‍ا‌ ‌أُ‌ن‍‍زِلَتْ سُو‌‍رَة‌‍ٌ‌ فَمِ‍‌‍نْ‍‍هُمْ مَ‍‌‍نْ يَ‍‍قُ‍‍ولُ ‌أَيُّكُمْ ‌زَ‌ا‌دَتْهُ هَذِهِ ‌إِيمَانا‌‌ ًۚ فَأَمَّ‍‍ا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ ‌آمَنُو‌ا‌ فَزَ‌ا‌دَتْهُمْ ‌إِيمَانا‌ ً‌ ‌وَهُمْ يَسْتَ‍‍بْ‍‍شِرُ‌ونَ
009-125 وأما الذين في قلوبهم نفاق وشك في دين الله، فإن نزول السورة يزيدهم نفاقًا وشكًا إلى ما هم عليه من قبلُ من النفاق والشك، وهلك هؤلاء وهم جاحدون بالله وآياته. وَ‌أَمَّ‍‍ا‌ ‌الَّذ‍ِ‍ي‍‍نَ فِي قُ‍‍لُوبِهِمْ مَ‍رَض‌‍ٌ‌ فَزَ‌ا‌دَتْهُمْ ‌رِجْ‍‍سا‌‌ ً‌ ‌إِلَى‌ ‌رِجْ‍‍سِهِمْ ‌وَمَاتُو‌ا‌ ‌وَهُمْ كَافِرُ‌ونَ
009-126 أولا يرى المنافقون أن الله يبتليهم بالقحط والشدة، وبإظهار ما يبطنون منالنفاق مرة أو مرتين في كل عام؟ ثم هم مع ذلك لا يتوبون مِن كفرهم ونفاقهم، ولا هم يتعظون ولا يتذكرون بما يعاينون من آيات الله. أَ‌وَلاَ‌ يَ‍رَ‌وْنَ ‌أَنَّ‍‍هُمْ يُفْتَن‍‍ُ‍ونَ فِي كُلِّ ع‍‍َ‍امٍ‌ مَ‍رَّةً ‌أَ‌وْ‌ مَ‍رَّتَ‍‍يْ‍‍نِ ثُ‍‍مَّ لاَ‌ يَتُوب‍‍ُ‍ونَ ‌وَلاَ‌ هُمْ يَذَّكَّرُ‌ونَ
009-127 وإذا ما أُنزلت سورة تغَامَزَ المنافقون بالعيون إنكارًا لنزولها وسخرية وغيظًا؛ لِمَا نزل فيها مِن ذِكْر عيوبهم وأفعالهم، ثم يقولون: هل يراكم من أحد إن قمتم من عند الرسول؟ فإن لم يرهم أحد قاموا وانصرفوا من عنده عليه الصلاة والسلام مخافة الفضيحة. صرف الله قلوبهم عن الإيمان؛ بسبب أنهم لا يفهمون ولا يتدبرون. وَ‌إِ‌ذَ‌ا‌ مَ‍‍ا‌ ‌أُ‌ن‍‍زِلَتْ سُو‌‍رَةٌ‌ نَ‍‍ظَ‍رَ‌ بَعْ‍‍ضُ‍‍هُمْ ‌إِلَى‌ بَعْ‍‍ضٍ هَلْ يَ‍رَ‌اكُمْ مِ‍‌‍نْ ‌أَحَد‌‌ٍ‌ ثُ‍‍مَّ ‌ان‍‍صَ‍رَفُو‌اۚ صَ‍رَفَ ‌اللَّ‍‍هُ قُ‍‍لُوبَهُمْ بِأَنَّ‍‍هُمْ قَ‍‍وْم ٌ‌ لاَ‌ يَفْ‍‍قَ‍‍هُونَ
009-128 لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول من قومكم، يشق عليه ما تلقون من المكروه والعنت، حريص على إيمانكم وصلاح شأنكم، وهو بالمؤمنين كثير الرأفة والرحمة. لَ‍قَ‍‍دْ‌ ج‍‍َ‍ا‌ءَكُمْ ‌‍رَس‍‍ُ‍ولٌ‌ مِ‍‌‍نْ ‌أَ‌ن‍‍فُسِكُمْ عَز‍ِ‍ي‍‍زٌ‌ عَلَ‍‍يْ‍‍هِ مَا‌ عَنِتُّمْ حَ‍‍ر‍ِ‍ي‍‍صٌ عَلَيْكُمْ بِ‍الْمُؤْمِن‍‍ِ‍ي‍‍نَ ‌‍رَ‌ء‍ُ‍‌وف ٌ‌ ‌‍رَحِيمٌ
009-129 فإن أعرض المشركون والمنافقون عن الإيمان بك -أيها الرسول- فقل لهم: حسبي الله، يكفيني جميع ما أهمَّني، لا معبود بحق إلا هو، عليه اعتمدت، وإليه فَوَّضْتُ جميع أموري؛ فإنه ناصري ومعيني، وهو رب العرش العظيم، الذي هو أعظم المخلوقات. فَإِ‌نْ تَوَلَّوْ‌ا‌ فَ‍‍قُ‍‍لْ حَسْبِي ‌اللَّهُ لاَ‌ ‌إِلَهَ ‌إِلاَّ‌ هُوَ‌ ۖ عَلَ‍‍يْ‍‍هِ تَوَكَّلْتُ ۖ ‌وَهُوَ‌ ‌‍رَبُّ ‌الْعَرْشِ ‌الْعَ‍‍ظِ‍‍يمِ
Toggle to highlight thick letters خصضغطقظ رَ
Next Sūrah